المعصوم الثامن : الإمام جعفر الصادق عليه السلام
*** علم الكتاب كله عندنا ***
قال السدير الصيرفي ــ وهو من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام ) :
كنت أنا و أبو بصير و يحيى البزار , وداود بن كثير , في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام )
اذ خرج الينا وهو مغضب , فلما أخذ مجلسه , قال عليه السلام :
يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب , وما يعلم الغيب الا الله عز وجل .
فمن أين لي العلم بالمغيبات ؟.
لقد هممت بضرب جاريتي فلانة . فهربت مني , فما علمت في أي بيوت الارض هي ؟
قال سدير : فلما قام من مجلسه وصار في منزله ,
دخلت أنا , وأبو بصير , وميسر وقلنا له :
جعلنا فداك , سمعناك و أنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك,
ونحن نعلم أنك تعلم علماً كثيراً , ولا ننسبك الى علم الغيب .
فقال عليه السلام : يا سدير ألم تقرأ القرآن قلت : بلى . فقال (عليه السلام ) :
فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل :
(قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك )
قلت : جعلت فداك , قد قرأته .
قال عليه السلام : فهل عرفت الرجل ـــ آصف بن برخيا وزير النبي سليمان (عليه السلام ) ــ ؟
وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟
قلت : أخبرني به .
قال عليه السلام : قد قطرة من الماء في البحر الأخضر , فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟
فقلت : جعلت فداك , ما أقل هذا ؟
فقال عليه السلام : ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز وجل الى العلم الذي أخبرك به .
يا سدير , فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا
( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) .
قلت : قد قرأته , جعلت فداك .
قال عليه السلام : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم , أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟
قلت : لا , بل من عنده علم الكتاب كله .
فأوما (عليه السلام ) بيده الى صدره , وقال :
علم الكتاب والله كله عندنا , علم الكتاب والله كله عندنا .
أقول : لعل ثمة أحد من المخالفين حاضر في المجلس الأول الذي خرج
عليهم الامام أبو عبدالله الصادق (عليه السلام ) بحالة الغضب فاتقى منهم تقية ,
أما في المجلس الثاني , الذي خلا فيه الامام مع اصحابه المخلصين ,
فأخبرهم بالحقيقة بأن الله عز وجل قد وهب الأئمة (عليه السلام )
علم الغيب كما وهب آصف بن برخيا من قبل في حين أن آصف الى
علمهم قد قطرة من البحر .