موقع العقيدة العلوية النصيرية
رد الشمس لعلي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا رد الشمس لعلي 829894
ادارة المنتدي رد الشمس لعلي 103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
رد الشمس لعلي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا رد الشمس لعلي 829894
ادارة المنتدي رد الشمس لعلي 103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


من وإلى كل العلويين ...علماؤنا وأعلامنا الأفاضل...تعريفٌ بطائفتنا العلوية الكريمة...وردٌّ عل المرتدين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رد الشمس لعلي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير العام
المدير العام
Admin


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
العمر : 29
تاريخ الميلاد : 10/12/1994
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 565
نقاط : 1592
السٌّمعَة : 20
الهوايات : المطالعة عبر الأنترنت
الدولة : سوريا

رد الشمس لعلي Empty
مُساهمةموضوع: رد الشمس لعلي   رد الشمس لعلي I_icon_minitimeالأحد يوليو 04, 2010 6:52 pm

مَن ردّت له الشمس


5799 - رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : غزا نبيّ من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبنِ بها، ولا أحدٌ بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنماً أو خَلِفاتٍ‏(1) وهو ينتظر ولادها.
فغزا، فدنا من القريةِ صلاةَ العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس: إنّك مأمورة وأنا مأمور؛ اللهمّ احبسها علينا! فحُبست حتى فتح اللَّه عليه‏(2).
5800 - عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : لم تحتبس الشمس على أحد إلّا ليوشع‏(3).
5801 - الإمام الصادق(عليه السلام) : إنّ سليمان بن داود(عليه السلام) عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل، فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة: ردّوا الشمس عليّ حتى اُصلّي صلاتي في وقتها! فرَدّوها، فقام فمسح ساقيه وعنقه، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك - وكان ذلك وضوءهم للصلاة - ثمّ قام فصلّى، فلمّا فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم. ذلك قول اللَّه عزّوجلّ: وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِ‏ّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ* فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّى حَتَّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ* رُدُّوهَا عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحَا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ(4)(5).
5802 - فتح الباري عن ابن عبّاس: قال لي عليّ: ما بلغك في قول اللَّه تعالى حكاية عن سليمان عليه الصلاة والسلام: ردُّوها عليَّ؟
فقلت: قال لي كعب: كانت أربعة عشر فرساً عَرضها، فغابت الشمس قبل أن يصلّي العصر، فأمر بردّها فضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، فسلبه اللَّه ملكه أربعة عشر يوماً؛ لأنّه ظلم الخيل بقتلها.
فقال عليّ: كذب كعب، وإنّما أراد سليمان جهاد عدوّه فتشاغل بعرض الخيل حتى غابت الشمس فقال للملائكة الموكّلين بالشمس بإذن اللَّه لهم: «ردُّوها عليَّ» فردّوها عليه حتى صلّى العصر في وقتها، وإنّ أنبياء اللَّه لا يَظلمون ولا يأمرون بالظلم‏(6).
5803 - المناقب لابن شهرآشوب: عن ابن عبّاس بطرق كثيرة أنّه لم تردّ الشمس إلّا لسليمان وصيّ داود، وليوشع وصيّ موسى، ولعليّ بن أبي‏طالب وصيّ محمّد صلوات اللَّه عليهم أجمعين‏ (7).
5804 - الإمام الصادق(عليه السلام) - في زيارة الإمام علي(عليه السلام) - : السلام عليك يامن ردّت له الشمس فسامى شمعون الصفاء(8) .
5805 - فتح الباري عن عروة بن الزبير: إنّ اللَّه لمّا أمر موسى بالمسير ببني إسرائيل أمره أن يحمل تابوت يوسف فلم يُدلّ عليه حتى كاد الفجر أن يطلع، وكان وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر، فدعا ربّه أن يؤخّر الطلوع حتى فرغ من أمر يوسف ففعل‏(9).


ردّ الشمس للإمام مرّتين


5806 - الإمام علي(عليه السلام) : إن اللَّه تبارك وتعالى ردّ عليّ الشمس مرّتين ولم يردّها على أحد من اُمّة محمّد(صلى اللّه عليه وآله وسلم) غيري‏(10).
5807 - المناقب للخوارزمي عن مجاهد: قيل لابن عبّاس: ما تقول في عليّ بن أبي‏طالب؟
فقال: ذكرت واللَّه أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، واُعطي السبطين وهو أبوالسبطين الحسن والحسين، وردّت عليه الشمس مرّتين بعدما غابت عن الثقلين، وجرّد السيف تارتين، وهو صاحب الكَرّتين، فمثله في الاُمّة مثل ذي القرنين، ذاك مولاي عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) (11).
5808 - الإرشاد: وممّا أظهره اللَّه تعالى من الأعلام الباهرة على يد أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) ما استفاضت به الأخبار، ورواه علماء السير والآثار، ونظمت فيه الشعراء الأشعار، رجوع الشمس له‏(عليه السلام) مرّتين؛ في حياة النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) مرّةً، وبعد وفاته اُخرى‏(12).


ردّ الشمس في عهد النبي


5809 - الإمام الصادق(عليه السلام) : صلّى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) العصر، فجاء عليّ(عليه السلام) ولم يكن صلّاها، فأوحى اللَّه إلى رسوله(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عند ذلك، فوضع رأسه في حجر عليّ(عليه السلام) ، فقام رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) عن حجره حين قام وقد غربت الشمس فقال: يا عليّ، أما صليت العصر؟
فقال: لا، يا رسول‏اللَّه.
قال رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : اللهمّ إنّ عليّاً كان في طاعتك، فاردد عليه الشمس.
فرُدّت عليه الشمس عند ذلك‏(13).
5810 - البداية والنهاية عن عمرو بن ثابت: سألت عبداللَّه بن حسن بن حسين بن عليّ بن أبي‏طالب عن حديث ردّ الشمس على عليّ بن أبي‏طالب: هل يثبت عندكم؟
فقال لي: ما أنزل اللَّه في كتابه أعظم من ردّ الشمس!
قلت: صدقت جعلني اللَّه فداك، ولكنّي اُحبّ أن أسمعه منك.
فقال: حدثني أبي- الحسن - عن أسماء بنت عميس أنّها قالت: أقبل عليّ بن أبي‏طالب ذات يوم وهو يريد أن يصلّي العصر مع رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فوافق رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قد انصرف ونزل عليه الوحي فأسنده إلى صدره، فلم يزل مسنده إلى صدره حتى أفاق رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال:
أصليت العصر يا عليّ؟
قال: جئت والوحي ينزل عليك فلم أزل مسندك إلى صدري حتى الساعة.
فاستقبل رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) القبلة - وقد غربت الشمس - وقال: اللهمّ إنّ عليّاً كان في طاعتك فارددها عليه.
قالت أسماء: فأقبلت الشمس ولها صرير كصرير الرحى حتى كانت في موضعها وقت العصر، فقام عليّ متمكناً فصلّى، فلما فرغ رجعت الشمس ولها صرير كصرير الرحى، فلما غابت اختلط الظلام وبدت النجوم‏(14).
5811 - المعجم الكبير عن أسماء بنت عميس: كان رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) إذا نزل عليه الوحي يكاد يغشى عليه، فاُنزل عليه يوماً وهو في حجر عليّ، فقال له رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : صلّيت العصر ياعليّ؟
قال: لا يا رسول‏اللَّه.
فدعا اللَّه فردّ عليه الشمس حتى صلّى العصر.
قالت: فرأيت الشمس طلعت بعدما غابت حين ردّت حتى صلّى العصر(15).
5812 - تاريخ دمشق عن أسماء بنت عميس: إنّ عليّ بن أبي‏طالب(رضى اللّه عنه) دفع إلى نبيّ‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وقد اُوحي إليه، فجلّله بثوبه، فلم يزل كذلك حتى أدبرت الشمس، تقول: غابت أو كادت أن تغيب، ثمّ إن نبيّ‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) سرى عنه فقال:
أصليت يا عليّ؟
قال: لا.
فقال النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : اللهمّ ردّ على عليّ الشمس.
فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد(16).
5813 - علل الشرائع عن اُمّ‏جعفر أواُمّ‏محمّد ابنتي محمّد بن جعفر عن أسماء بنت عميس - وهي جدّتهما -: خرجت مع جدّتي أسماء بنت عميس وعمّي عبداللَّه بن جعفر حتى اذا كنا بالصهباء (18) قالت: حدّثتني أسماء بنت عميس قالت: يا بنيّة كنّا مع رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) في هذا المكان فصلّى رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الظهر ثمّ دعا عليّاً(عليه السلام) فاستعان به في بعض حاجته، ثمّ جاءت العصر فقام النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فصلّى العصر، فجاء عليّ(عليه السلام) فقعد إلى جنب رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم)، فأوحى اللَّه تعالى إلى نبيّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فوضع رأسه في حجر عليّ(عليه السلام) حتى غابت الشمس لا يُرى منها شي‏ء لا على أرض ولا على جبل، ثمّ جلس رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال لعليّ(عليه السلام) هل صليت العصر؟
فقال: لا يا رسول‏اللَّه اُنبئت أنّك لم تصلِّ فلما وضعت رأسك في حجري لم أكن لاُحركه.
فقال: اللهمّ إنّ هذا عبدك‏(19) عليّ احتبس نفسه على نبيّك فردّ عليه شرقها، فطلعت الشمس فلم يبقَ جبل ولا أرض إلّا طلعت عليه الشمس، ثمّ قام عليّ(عليه السلام) فتوضّأ وصلّى ثمّ انكسفت‏(20).
5814 - البداية والنهاية عن جابر وأبي‏سعيد: إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نزل عليه جبريل يوماً يناجيه من عند اللَّه، فلما تغشّاه الوحي توسّد فخذ أميرالمؤمنين فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس، فصلّى عليّ العصر بالإيماء، فلما استيقظ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال له: سل اللَّه أن يردّ عليك الشمس فتصلّي قائماً.
فدعا فردّت الشمس فصلّى العصر قائماً(21).
5815 - الإرشاد عن أسماء بنت عميس واُمّ‏سلمة زوج النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وجابر بن عبداللَّه الأنصاري وأبي‏سعيد الخدري في جماعة من الصحابة: إنّ النبيّ‏(صلى اللّه عليه وآله وسلم) كان ذات يوم في منزله، وعليّ(عليه السلام) بين يديه إذ جاءه جبرئيل(عليه السلام) يناجيه عن اللَّه سبحانه، فلمّا تغشّاه الوحي توسّد فخذ أميرالمؤمنين(عليه السلام) ، فلم يرفع رأسه عنه حتى غابت الشمس، فاضطرّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) لذلك إلى صلاة العصر جالساً يُومئ بركوعه وسجوده إيماءً، فلمّا أفاق من غشيته قال لأمير المؤمنين(عليه السلام) :
أفاتتك صلاة العصر؟
قال له: لم أستطع أن اُصلّيها قائماً لمكانك يا رسول‏اللَّه، والحال التي كنت عليها في استماع الوحي.
فقال له: ادعُ اللَّه ليردّ عليك الشمس حتى تصلّيها قائماً في وقتها كما فاتتك، فإنّ اللَّه يجيبك لطاعتك للَّه ورسوله.
فسأل أميرالمؤمنين(عليه السلام) اللَّه عزّ اسمه في ردّ الشمس، فردّت عليه حتى صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّى أميرالمؤمنين(عليه السلام) صلاة العصر في وقتها، ثمّ غربت.
فقالت أسماء: أمَ واللَّه، لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشبة(22).
5816 - المعجم الكبير عن أسماء بنت عميس: إنّ رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) صلّى الظهر بالصهباء ثمّ أرسل عليّاً في حاجة فرجع وقد صلّى النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) العصر، فوضع النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) رأسه في حجر عليّ فنام فلم يحرّكه حتى غابت الشمس، فقال النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) :
اللهمّ إنّ عبدك عليّاً احتبس بنفسه على نبيّه فردّ عليه الشمس.
قالت: فطلعت عليه الشمس حتى رفعت على الجبال وعلى الأرض، وقام عليّ فتوضّأ وصلّى العصر ثمّ غابت، وذلك بالصهباء(23).
5817 - من لا يحضره الفقيه عن أسماء بنت عميس: بينما رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نائم ذات يوم ورأسه في حجر عليّ(عليه السلام) ففاتته العصر حتى غابت الشمس فقال:
اللهمّ إنّ عليّاً كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها واللَّه غربت ثمّ طلعت بعدما غربت، ولم يبق جبل ولاأرض إلّا طلعت عليه حتى قام عليّ(عليه السلام) فتوضّأ وصلّى ثمّ غربت‏(24).
5818 - الإمام علي(عليه السلام) - في احتجاجه على أبي‏بكر -: أنشدك باللَّه أنت الذي رُدّت له الشمس لوقت صلاته فصلّاها ثمّ توارت أم أنا؟
قال [أبوبكر]: بل أنت‏(25).
5819 - عنه(عليه السلام) - يوم الشورى -: أنشدكم باللَّه هل فيكم من ردّت عليه الشمس غيري حين نام رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وجعل رأسه في حجري حتى غابت الشمس فانتبه فقال: يا عليّ صلّيت العصر؟ قلت: اللهمّ لا. فقال: اللهمّ ارددها عليه فإنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك؟(26)


ردّ الشمس أيّام إمارة الإمام


5820 - من لا يحضره الفقيه عن جويرية بن مسهر: أقبلنا مع أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أميرالمؤمنين(عليه السلام) ونزل الناس، فقال عليّ(عليه السلام) :
أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة قد عذّبت في الدهر ثلاث مرّات - وفي خبر آخر مرّتين - وهي تتوقّع الثالثة وهي إحدى المؤتفكات‏(27)، وهي أوّل أرض عُبِدَ فيها وثن، وإنّه لا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلِّ.
فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون، وركب هو(عليه السلام) بغلة رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ومضى.
قال جويرية: فقلت: واللَّه لأتبعنّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) ولاُقلّدنه صلاتي اليوم. فمضيت خلفه، فواللَّه ما جزنا جسر سُوراء(28) حتى غابت الشمس فشككت، فالتفت إليّ وقال:
ياجويرية أشككت؟
فقلت: نعم يا أميرالمؤمنين.
فنزل(عليه السلام) عن ناحية فتوضّأ ثمّ قام فنطق بكلام لا أحسنه إلّا كأنّه بالعبراني، ثمّ نادى الصلاة فنظرت واللَّه إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلّى العصر وصلّيت معه، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إلي وقال: ياجويرية بن مسهر، إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(29) وإنّي سألت اللَّه عزّوجلّ باسمه العظيم فردّ عليّ الشمس.
وروي أنّ جويرية لما رأى ذلك قال: أنت وصيّ نبيّ وربّ الكعبة(30).
5821 - بصائر الدرجات عن أبي‏الجارود: سمعت جويرية يقول: أسرى عليّ(عليه السلام) بنا من كربلا إلى الفرات فلمّا صرنا ببابل قال لي: أيّ موضع يسمّى هذا يا جويرية؟
قلت: هذه بابل يا أميرالمؤمنين.
قال: أما إنّه لا يحلّ لنبيّ ولا وصيّ نبيّ أن يصلّي بأرض قد عذّبت مرّتين.
قال: قلت: هذه العصر يا أميرالمؤمنين فقد وجبت الصلاة يا أميرالمؤمنين.
قال: قد أخبرتك أنّه لا يحلّ لنبيّ ولا وصيّ نبيّ أن يصلّي بأرض قد عذّبت مرّتين وهي تتوقّع الثالثة إذا طلع كوكب الذنب وعقد جسر بابل قتلوا عليه مائة ألف تخوضه الخيل إلى السنابك.
قال جويرية: قلت: واللَّه لاُقلّدنّ صلاتي اليوم أميرالمؤمنين.
وعطف عليّ(عليه السلام) برأس بغلة رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) الدلدل حتى جاز سُورا.
قال لي: أذّن بالعصر يا جويرية.
فأذّنت. وخلا على ناحية فتكلّم بكلام له سرياني أو عبراني فرأيت للشمس صريراً وانقضاضاً حتى عادت بيضاء نقيّة.
قال: ثمّ قال: أقم.
فأقمت ثمّ صلّى بنا فصلّينا معه فلمّا سلّم اشتبكت النجوم.
فقلت: وصيّ نبيّ وربّ الكعبة(31).
5822 - وقعة صفّين عن عبدخير: كنت مع عليّ(عليه السلام) أسير في أرض بابل قال: وحضرت الصلاة صلاة العصر، قال: فجعلنا لانأتي مكاناً إلّا رأيناه أقبح من الآخر، قال: حتى أتينا على مكان أحسن ما رأينا، وقد كادت الشمس أن تغيب، فنزل عليّ ونزلت معه، قال: فدعا اللَّه فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر، قال: فصلّينا العصر ثمّ غابت الشمس‏(32).
5823 - الإرشاد: وكان رجوعها [أي الشمس‏] عليه بعد النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) : إنّه لمّا أراد أن يعبر الفرات ببابل، اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابّهم ورحالهم، وصلّى‏(عليه السلام) بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس، ففاتت الصلاة كثيراً منهم، وفات الجمهور فضل الاجتماع معه، فتكلّموا في ذلك، فلما سمع كلامهم فيه سأل اللَّه تعالى ردَّ الشمس عليه ليجتمع كافّة أصحابه على صلاة العصر في وقتها، فأجابه اللَّه تعالى في ردّها عليه، فكانت في الاُفق على الحال التي تكون عليها وقت العصر، فلمّا سلّم بالقوم غابت، فسمع لها وَجيبٌ‏(33) شديد هال الناس ذلك، وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار والحمد للَّه على نعمته التي ظهرت فيهم، وسار خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس‏(34).


أبيات في شأن هذه الآية العظيمة


5824 - بشارة المصطفى عن عبداللَّه بن عباس: رأيت حسّان واقفاً بمنى والنبيّ مجتمعين فقال النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) :
معاشر الناس هذا عليّ بن أبي‏طالب(عليه السلام) سيّد العرب والوصيّ الأكبر منزلته منّي منزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، لاتقبل التوبة من تائب إلّا بحبّه، ياحسّان قل فينا شيئاً، فأنشأ يقول:

لا تقبل التوبة من تائب
إلّا بحبّ ابن أبي‏طالبِ
أخو رسول‏اللَّه بل صهره
والصهر لا يعدل بالصاحبِ
ومن يكن مثل عليّ وقد
ردّت له الشمس من المغربِ
ردّت عليه الشمس في ضوئها
بيضا كأنّ الشمس لم تغربِ‏(35)
5825 - الإرشاد عن السيّد الحميري:
رُدّت عليه الشمس لمّا فاتهُ
وقت الصلاة وقد دنت للمغربِ
حتى تبلّج نورُها في وقتها
للعصر ثمّ هوت هويَّ الكوكبِ
وعليه قد رُدّت ببابل مرّةً
اُخرى وماردّت لخلق مُعربِ
إلّا ليُوشع أو لَه من بعدهِ
ولردّها تأويلُ أمرٍ مُعجبِ‏(36)
5826 - المناقب لابن شهرآشوب عن قدامة السعدي:
ردّ الوصي لنا الشمس التي غربتْ
حتى قضينا صلاة العصر في مهلِ
لا أنسَهُ حين يدعوها فتتبعهُ
طَوعاً بتلبية هاها على عجلِ
فتلك آيَتُه فينا وحجّتهُ
فهل له في جميع الناس من مثلِ؟
أقسمت لا أبتغي يوماً به بدلاً
وهل يكون لنور اللَّه من بدلِ؟
حسبي أبوحسنٍ مولى أدين بهِ
ومَن به دان رسل اللَّه في الاُولِ‏(37)
5827 - المناقب لابن شهرآشوب عن العوني:
ولا تنسَ يوم الشمس إذ رجعت لهُ
بمنتشر وادي من النور ممتعِ
فذلك بالصهبا وقد رجعت لهُ
ببابل أيضاً رجعة المتطوّعِ‏(38)
5828 - المناقب لابن شهرآشوب عن ابن حماد:
ورُدّتْ لكَ الشمس في بابلٍ
فسامَيت يوشع لمّا سمى‏
ويعقوب ما كان أسباطهُ
كنَجْلَيك سِبطي نبيّ الهدى‏(39)
5829 - المناقب لابن شهرآشوب عن السروجي:
والشمس لم تعدل بيومِ بابلِ
ولا تعدّت أمره حين أمَرْ
جاءت صلاة العصر والحرب على
ساق فأومى نحوها ردّ النَّظرْ
فلم تزل واقفة حتى قضى
صلاته ثمّ هوت نحو المَقرّْ(40)
5830 - البداية والنهاية عن حبيب بن أوس‏

فرُدّت علينا الشمس والليل راغمٌ
بشمسٍ لهم من جانب الخِدر تطلعُ
نضا ضوءُها صبغَ الدِجنة وانطوى‏
لبهجتها نور السماء المرجعُ
فواللَّه ما أدري عليٌّ بدا لنا فردّت
له أم كان في القوم يُوشعُ‏(42)
5831 - الروضة المختارة عن ابن أبي‏الحديد:
يا من له ردّت ذكاء(43) ولم يفزْ
بنظيرها من قبل إلّا يوشعُ‏(44)


مسجد ردّ الشمس


5832 - الكافي عن عمّار بن موسى: دخلت أنا وأبوعبداللَّه(عليه السلام) مسجد الفضيخ فقال: يا عمّار ترى هذه الوهدة؟ قلت: نعم. قال: كانت امرأة جعفر التي خلف عليها أميرالمؤمنين(عليه السلام) قاعدة في هذا الموضع ومعها ابناها من جعفر فبكت، فقال لها ابناها: ما يبكيك يا اُمّه؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين(عليه السلام) . فقالا لها: تبكين لأميرالمؤمنين ولا تبكين لأبينا؟ قالت: ليس هذا هكذا، ولكن ذكرت حديثاً حدّثني به أميرالمؤمنين(عليه السلام) في هذا الموضع فأبكاني. قالا: وما هو؟ قالت:
كنت أنا وأميرالمؤمنين في هذا المسجد فقال لي: ترين هذه الوهدة؟ قلت: نعم.
قال: كنت أنا ورسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) قاعدين فيها إذ وضع رأسه في حجري ثمّ خفق حتى غطّ، وحضرت صلاة العصر فكرهت أن اُحرّك رأسه عن فخذي فأكون قد آذيت رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حتى ذهب الوقت وفاتت فانتبه رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) فقال: يا عليّ صلّيت؟ قلت: لا. قال: ولِمَ ذلك؟ قلت: كرهت أن اُوذيك.
قال: فقام واستقبل القبلة ومدّ يديه كلتيهما وقال:
اللهمّ ردّ الشمس إلى وقتها حتى يصلّي عليٌّ فرجعت الشمس إلى وقت الصلاة حتى صلّيت العصر ثمّ انقضّت انقضاض الكوكب‏(45).


بحث حول حديث ردّ الشمس


ذلك الذي مضى سجّل للإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) فضيلة عظيمة ومنقبة متألّقة. والحقّ أنّ فهم تلك المنقبة الكريمة والإيمان بها صعب شاقّ إلّا لذوي البصيرة الذين تفي‏ءُ نفوسهم إلى جلال الحقيقة، والقلوب المغموسة بنور الحقّ الوضّاء.
وعلى العكس اُولئك الذين انكفأت بهم البصيرة، فاختاروا في حياتهم مناهضة الفضيلة، وصدّوا عن كلّ ما يكون عنوانه منقبةً لعليّ(عليه السلام) ، فراحوا يخفضون من شأنه، وينالون منه بأقاويل واهية.
لمواجهة موقف كهذا مجانب للحقّ والصواب، سجّل التاريخ جهود عدد من المحدِّثين والمؤرِّخين والباحثين المتمرّسين (من الشيعة والسنّة) همّهم تحرّي الحقيقة، ورائدهم الإخلاص للحقّ؛ توفّروا على دراسة الواقعة، وتتبّع أنبائها، وضبط طرقها المختلفة على أدقّ وجه؛ دفاعاً عن حياض الحقّ وصوناً لحرمته.
وما نصبو إلى تقديمه في هذا المجال الضيّق هو أن نبيّن من جهةٍ الشهرة التي تحظى بها طرق الواقعة ورواياتها، وأن نتعرّض من جهة اُخرى لبعض الإيرادات والإشكالات ونُجيب عليها.
لكن قبل ذلك يحسن التذكير بالملاحظتين التاليتين:
الاُولى: لمّا كانت دائرة النقد والردود ترتبط بواقعة «ردّ الشمس» على عهد رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، ولمّا كانت النقطة الأكثر أهمّية على هذا الصعيد هي إثبات أصل «ردّ الشمس»، فسنجعل محور البحث في هذه السطور مركّزاً على واقعة «ردّ الشمس» في عهد رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، رغم أنّ الإشكالات لها غالباً صلة بالواقعتين معاً.
الثانية: تتحلّى بعض الحوادث والظواهر بموقع يتخطّى العقل الإنساني العادي والفهم البشري المحدود، سواء من حيث الوقوع أو من حيث الطبيعة والكيفيّة. وعمليّة إثبات مثل هذه الوقائع ينبغي أن تستند إلى النصوص الثابتة والأخبار الصحيحة المتقنة، كما ينبغي التأكيد في عمليّة نقل خبر الواقعة إلى الأجيال اللاحقة على الطرق التي تبعث على الاطمئنان.
كما من البديهي أن يُلحظ في الواقعة ألّا تكون مستحيلة عقلاً.
أمّا لو سعى البعض إلى تحليل أمثال هذه الحوادث التي مرّ ذكرها من خلال محدّدات العقل العادي، وتفسيرها على ضوء اُطر الفهم الإنساني المألوف؛ فلن يُفضي ذلك إلى نتيجة.
بعد هاتين الملاحظتين، نمرّ على البحث من خلال المحورين التاليين:


أ - سعة النقل وشهرته

لحديث «ردّ الشمس» شهرة ملأت الآفاق؛ فمنذ اللحظة التي انبلجت فيها الواقعة اتّسعت الأخبار والنقولات، وعنى كثيرون بتتبّع أنبائها وضبط طرقها والتوثيق لها. وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار طبيعة الواقعة والمناخ الصعب الذي واجهته في ظلّ أجواء محمّلة بالخوف، مثقلة بالإرهاب وبمناوأة كلّ ما يمتّ إلى الفضائل العلويّة بصلة، لَتبيّن أنّ حجم هذه الأخبار يُلفت النظر، وهو حريّ بالتأمّل والتقدير.
للتدليل على ذلك كلّه تكفي ملاحظة النقاط التالية:
1 - الصحابة وحديث ردّ الشمس‏
لقد روى عدد من الصحابة واقعة «ردّ الشمس»، نذكر فيما يلي عشرة منهم: الإمام عليّ(عليه السلام) ، الإمام الحسين(عليه السلام) ، أسماء بنت عميس، عبداللَّه بن عبّاس، أنس بن مالك، أبورافع، أبوسعيد الخدري، جابر بن عبداللَّه الأنصاري، أبوهريرة، وامّ‏المؤمنين امّ‏سلمة.
2 - المؤلِّفون وحديث ردّ الشمس‏
أفرد عدد كبير من الباحثين والمؤلِّفين تصانيف مستقلّة عن الواقعة، حتى تكوّنت من بين الآثار المكتوبة مجموعة فخمة، خليقة بالقراءة حيال واحدة من أعظم مآثر الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) وأسمى مناقبه. وإليك أسماء نزر منهم:
1 - أبوبكر الورّاق 2 - أبوالحسن شاذان الفضيلي 3 - الحافظ أبوالفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي 4 - أبوالقاسم الحاكم ابن الحذّاءِ الحسكاني النيسابوري الحنفي 5 - أبوعبداللَّه الحسين بن عليّ البصري ثمّ البغدادي 6-أخطب خوارزم أبوالمؤيّد موفّق بن أحمد 7 - أبوعليّ الشريف محمّد بن أسعد بن عليّ بن المعمّر الحسني النقيب النسّابة 8 - الحافظ جلال الدين السيوطي 9 - أبوعبداللَّه محمّد بن يوسف الدمشقي الصالحي‏(46) 10 - الحافظ الشهير ابن مردويه‏(47).
3 - رواة حديث ردّ الشمس‏
لقد أخرج حديث «ردّ الشمس» عدد كبير من محدِّثي أهل السنّة وعلمائهم، وعلاوة على روايته فقد صحّح طرقه وأسانيده جمع من هؤلاء. كتب العلّامة المحقّق الشيخ عبدالحسين الأميني بهذا الشأن: «لا يسعنا ذكر تلكم المتون، وتلكم الطرق والأسانيد؛ إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يُخصّ به، غير أنّا نذكر نماذج ممّن أخرجه من الحفّاظ والأعلام بين مَن ذكره مِن غير غمز فيه، وبين مَنْ تكلّم حوله وصحّحه، وفيها مقنع وكفاية»(48).
لا شكّ أنّ ما جاء في موسوعة «الغدير» لم يرصد جميع من روى الحديث وجاء على ذكره في مصنّفاته، كما أشار لذلك المؤلِّف نفسه، فالعلّامة الأميني لم يأتِ - مثلاً - على ذكر أعلام مشهورين كالفخر الرازي في تفسيره‏(49)، والرافعي في «التدوين»، والدياربكري في «تأريخ الخميس» وغيرهم‏(50).
وإليك أسماء بعض مَنْ ذكرهم العلّامة الأميني ممّن أخرج الحديث من الحفّاظ والأعلام دون غمز فيه: الحافظ أبوبشر الدولابي، الحافظ أبوجعفر الطحاوي، الحافظ أبوجعفر العقيلي، الحافظ أبوالقاسم الطبراني، الحاكم أبوعبداللَّه النيسابوري، الحافظ ابن مردويه الإصفهاني، أبوإسحاق الثعلبي، الفقيه أبوالحسن الماوردي، الحافظ أبوبكر البيهقي، الحافظ الخطيب البغدادي، الحافظ أبوزكريا بن مندة، الحافظ ابن حجر الهيثمي، نور الدين الحلبي، الحافظ أبوالحسن عثمان بن أبي‏شيبة والحافظ القاضي عياض.
4 - تصحيح الحديث وتأييده‏
أشرنا آنفاً إلى أنّ جمعاً غفيراً من أعلام أهل السنّة ومحدّثيهم عمدوا - إضافة إلى نقل الواقعة - إلى تصحيح الحديث وتصويبه. وفي المقابل انتهى بعضهم إلى الطعن بها من خلال التشكيك بالحديث.
والآن نذكر آراء بعض المحدِّثين في تصحيح حديث «ردّ الشمس»:
أ: أبوجعفر أحمد بن صالح الطبري المصري‏(51): من محدّثي القرن الثالث الهجري، ومن مشايخ البخاري. قال - بعد أن نقل حديث أسماء بطريقين صحيحين - ما نصّه: «لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء الذي روي لنا عنه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ؛ لأنّه من أجلّ علامات النبوّة»(52)
ب: أبوجعفر أحمد بن محمّد الطحاوي: أخرج حديث أسماء بطريقين، ثم راح يدافع عن الحديث، حيث أورد شبهة تعارضه مع رواية: «لم تُحبس الشمس على أحد إلّا ليوشع» وأجاب عنها، لينتهي في آخر المطاف إلى القول: «وكلّ هذه الأحاديث من علامات النبوّة» (53).
ج: الحافظ ابن حجر العسقلاني: كتب في مصنّفه المهمّ والمشهور «فتح الباري بشرح صحيح البخاري»: «وروى الطحاوي والطبراني في «الكبير»، والحاكم، والبيهقي في «الدلائل»، عن أسماء بنت عميس: أنّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) دعا لمّا نام على ركبة عليّ ففاتته صلاة العصر، فرُدّت الشمس حتى صلّى عليّ ثمّ غربت. وهذا أبلغ في المعجزة، وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات، وهكذا ابن تيميّة في كتاب الردّ على الروافض، في زعم وضعه»(54).
د: الحافظ السيوطي: وقد روى الحديث في عدد من كتبه المختلفة، ثمّ بادر إلى تصحيحه‏(55). كما ذكره أيضاً في كتابه «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» الذي روى فيه الأحاديث المشهورة، ثمّ انتهى للقول: «أخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي‏هريرة، وإسنادهما حسن، وممّن صحّحه الطحاوي والقاضي عيّاض. وقد ادّعى ابن الجوزي أنّه موضوع، فأخطأ كما بيّنته في مختصر الموضوعات وفي التعقبات»(56).
لقد ذكرنا فيما سلف أنّ الجلال السيوطي صنّف رسالة مستقلّة في بيان طرق الحديث وتصحيحها والدفاع عنه، بعنوان «كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس» كتب في مقدّمة هذه الرسالة: «وبعد؛ فإنّ حديث ردّ الشمس معجزة لنبيّنا(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، صحّحه الإمام أبوجعفر الطحاوي وغيره، وأفرط الحافظ أبوالفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب «الموضوعات». وهذا جزء في تتبّع طرقه وبيان حاله سميته: كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس»(57).
ثمّ عاد ليقول آخر الرسالة: «وممّا يشهد لصحّة ذلك قول الإمام الشافعي وغيره: ما اُوتي نبيّ معجزة إلّا اُوتي نبيّنا(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نظيرها أو أبلغ منها، وقد صحّ أنّ الشمس حُبست على يوشع ليالي قاتل الجبّارين، فلابدّ أن يكون لنبيّنا(صلى اللّه عليه وآله وسلم) نظير ذلك، فكانت هذه القصّة نظير ذلك، واللَّه أعلم بالصواب»(58).
ه: الحافظ ابن حجر الهيثمي: كتب ابن حجر في كتاب «الصواعق المحرقة» ضمن تعداده لكرامات المولى أميرالمؤمنين، ما نصّه: «ومن كراماته الباهرة أنّ الشمس رُدّت عليه لمّا كان رأس النبيّ في حجره... وحديث ردّها صحّحه الطحاوي والقاضي في الشفاء، وحسّنه شيخ الإسلام أبوزرعة وتبعه غيره، وردّوا على جمع قالوا: إنّه موضوع»(59).
5 - رؤية الشيعة
منذ أقدم العصور وإلى القرون الأخيرة تحتفي مصادر الشيعة بهذه الواقعة المدهشة العظيمة، وتُعِنى برصدها والتوثيق لها بمختلف كتبها. فهاهم اُولاء أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) يتعاطَونها فضيلةً متألّقة لأمير المؤمنين(عليه السلام) ، ويُركّزون عليها بوصفها معجزةً شامخة لرسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) .
وها هو ذا الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) يجهر بحقيقتها مرّات، ويستشهد بها على الملأ حينما يرى ذلك ضرورياً، وقد ناشدهم بها مراراً، كما رأينا النصوص تفصح عن ذلك‏(60).
وهاهُم علماء الشيعة حماة الفكر المنافحون عن ثغور العقيدة، يزيدون على توثيق الواقعة ورصدها بمختلف طرقها، الدفاعَ عمّا يحوم حولها من شبهات، ويرصدون ما يُثيره الآخرون ضدّها من مواضع، بمنطق سليم وجواب محكم قويم‏(61)، على ما ستمرّ الإشارة إليه.
6 - شعر الشعراء
الشعراء على مسار التاريخ أصوات تندّ بالقيم، وتؤبّد الوقائع. والشعر في طليعة الوسائل التي تسهم في حركة القيم والعواطف والأفكار نقلاً وانتقالاً.
وما دام للشعر هذا الدور الفاعل الكبير في تثبيت الحوادث وترسيخها، فقد انبرى الشعراء لهذه المأثرة، ولم يروا السكوت عنها سائغاً. فأحاطوا جلالها بكلماتهم، وعكفوا على بثّ معانيها المتألّقة في قوالب شعرهم الزخّار بالفكر، الفائض بالعاطفة، فحفظوا هذه المنقبة العليّة حيّة نابضة في أروقة التاريخ على مرّ الزمان‏(62).
إنّ لواقعة «ردّ الشمس» في حديث الشعر والشعراء، خلفيّة متوغّلة في الزمان تتمادى حتى تتّصل بعصر رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وأيّامه الزاهية الرحيبة؛ فهاهو ذا حسّان بن ثابت يطوف في قصيدة على فضائل عليّ التي تنأى عن العدّ، وتعظم على الإحصاء، فيلبث مع الواقعة منشداً:

يا قوم مَن مثل عليّ وقد
رُدّت له الشمس من المغربِ
أجل، لقد كان للشعر حظّه العظيم، ولقصيد الشعراء دوره النافذ العميق في تخليد هذه الواقعة، وصونها في منعطفات التاريخ‏(63).


ب - إشكالات وأجوبة

طالما كرّرنا أنّ أعداء الفضيلة لم يدّخروا وسعاً في سبيل أن يُطفئوا وهج هذا الفضل العلوي، أو ينالوا من تألّقه شيئاً؛ فقد راحوا يفرضون حول الواقعة طوقاً، ويحاصرونها بإشكالات عديدة؛ فمن حيث السند راموا مثلاً أن «يجرحوا» بعض رجاله، كما رَموا البعض الآخر بالضعف مع أنّهم من رجال الصحيحَين!
مفارقة كبيرة ولا ريب! فمن جهة حكم هؤلاء بصحّة أخبار الصحيحَين أجمع، ومن جهة ثانية راحوا يخرّبون البناء الذي أسّسوه من القواعد، عندما ضاقت عليهم الأمور، فكيف يجتمع هذا إلى ذاك!(64)
لم يذر العلماء أمر هذه الإشكالات هملاً، بل أجابوا عليها. وإليك جولة مع أبرز هذه الإشكالات وجواب العلماء عليها، نوردها مع بعض الإضافات:


1 - ضعف السند

هذا إشكال لا يُفضي إلى شي‏ء؛ فمن جهة «صحّح» جمّ كثير من علماء أهل السنّة ومحدِّثيهم - كما سلفت الإشارة - طرقَ الحديث، ولم يعبأ هؤلاء بمن ذهب إلى تضعيف الحديث وتوهين طرقه، بل زادوا أحياناً على ذلك بأن شدّدوا النكير على مَنْ ضعّف حديثاً صحيحاً مثل هذا.
ومن جهة اُخرى، وعلى فرض التسليم بضعف تمام طرق الحديث وأسانيده، فإنّ نُقوله بلغت من الاستفاضة ما يكفي لحصول الاطمئنان بوقوع أصل الحادثة حتى مع فرض ضعف السند. وهذا القدر يكفي لإثبات المطلوب وإن كان قاصراً عن إثبات التفاصيل.


2 - تعارضه مع حديث «لم تُحبس الشمس على أحدٍ إلّا ليوشع»

لهذا الإشكال جوابات عدّة؛ منها: أنّ الحديث يُفيد أنّ هذه الواقعة لم تحصل في الاُمم السابقة إلّا ليوشع، لكن ليس له دلالة قطّ على عدم وقوع ذلك في المستقبل.


3 - فضيلة نبويّة وليست علويّة

يبدو أنّ اُولئك الذين يلوكون هذه الكلمات أو يسطرونها بأقلامهم لم يتأمّلوا لا بالواقعة ولا بنصوص النقول والروايات! فالنبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) يذكر في دعائه عليّاً(عليه السلام) ، ويطلب أن تعود له الشمس كي يؤدّي صلاته، فهي إذاً فضيلة نبويّة، لأنّها تمّت بطلبه ودعائه، وهي علويّة؛ لأنّ «ردّ الشمس» تحقّق للإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) .


4 - فقدان فائدة «ردّ الشمس»

قالوا: إنّ الصلاة صارت قضاءً عند غروب الشمس وفوات وقتها، فما الفائدة من ردّها والصلاة لن تصير أداءً عندئذٍ؟
ذكر ابن حجر الهيثمي هذا الإشكال، ثمّ أوضح في جوابه: كما أنّ «ردّ الشمس» خصوصيّة لعليّ(عليه السلام) ، كذلك إدراك العصر الآن - أي بعد ردّ الشمس - أداءً خصوصيّة له وكرامة(65).
والمحصّل أنّه لمّا كان أصل الواقعة ثابتاً بنقول صحيحة، فلا يعدّ ثمَّ مجال لمثل هذه الإشكالات. ولا ريب أنّ الحادثة بأساسها غير عاديّة ولها خصوصيّة؛ ومن ثمّ كذا تكون ملابساتها ومعطياتها. يُضاف إلى ذلك أنّه يمكن النظر إلى مثل هذه الأحكام والإيرادات على أنّها اجتهاد في مقابل النصّ؛ فعندما يريد رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يُجري الأمر على هذا المنوال، فمعنى ذلك أنّ هناك فائدة تُرجى، وعندئذٍ كيف يجوز مواجهة هذا النصّ والاستنباط بأن ليس هناك فائدة تُتوخّى منه!


5 - التغيّر في نظام الوجود

طروء التغيّر على نظام الأفلاك هو لازمة الإيمان بهذه الواقعة، وهذا ممّا لا يمكن القبول به. هذا هو الإشكال الخامس.
ذكرنا في بداية التحليل أنّ الحادثة قد تكون أحياناً فوق أن تنتظمها الاُطر التحليليّة العقلانيّة العاديّة، ومن ثمّ يكفي في إثبات هذه الحوادث عدم استحالتها وتعارضها مع النصوص الثابتة.
وممّا لا ريب فيه أنّ وقوع مثل هذه الحادثة - التي كان لها مثال قطعي في التاريخ - هو ليس محالاً عقلاً حتى تعدّ خارج دائرة القدرة الإلهيّة. على هذا الأساس لا يمنع من الإيمان بها كأمر «على خلاف العادة» بيدَ أنّه يتوائم مع العلل والعوامل الموجودة في الوجود، وينسجم مع القدرة الإلهيّة، علاوة على أنّه قد وقع فعلاً على عهد يوشع كما سلفت الإشارة إليه.


6 - تعارض النقول وتنافيها

لقد رأينا كثرة النصوص التي تتوفّر على نقل الواقعة. ولمّا كانت النقول الكثيرة تقترن غالباً مع ظاهرة النقل بالمعنى، وتتخلّلها أغراض متعدّدة للرواة والناقلين، وأساليب مختلفة في كيفية ضبط الواقعة، فسيطرأ التغيّر على النصوص والنقول من حيث المحتوى.
فمن الرواة من ينقل الواقعة بأبعادها كافّة، ومنهم من يكتفي بأصل الواقعة وهكذا، ممّا لا ينفي النسيان ولا يُسقِط إمكان الخطأ.
على هذا الضوء يبدو أنّ تعدّد الأخبار حول الحادثة الواحدة واختلافها هو أمر طبيعي، قد يُفضي أحياناً إلى تهافت بعض أجزائها وسقوطها عن الاعتبار. بيدَ أنّ هذا التنافي لا يوجب نفي أصل الواقعة؛ لأنّ لذلك معايير وملاكات خاصّة.
لذلك يُعدّ خطأً كبيراً ما ذهب إليه نقّاد الواقعة من أنّ تنافي بعض خصوصيّاتها وتهافته يُفضي إلى كذب أصل الواقعة ونفيه.
لقد تناول العلّامة الشيخ محمّد حسن المظفر أبعاد هذا الإشكال والجواب عليه. وقد رأينا من الجدير ذكر النصّ كاملاً، كما يلي:
«الأمر الثالث: إنّ خصوصيّات الروايات متنافية من وجوه؛ وهو يكشف عن كذب الواقعة:
الأوّل: دلالة بعضها على طلوع الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض، وبعضها حتى توسّطت السماء، وبعضها حتى بلغت نصف المسجد، وهذا دالّ على أنّ ذلك بالمدينة؛ لأنّ المقصود مسجدها، وكثير من الأخبار يدلّ على أنّه بالصهباء في غزوة خيبر.
الثاني: أنّ بعضها يدلّ على أنّ النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) كان يُوحَى إليه، وبعضها كان نائماً ثمّ استيقظ.
الثالث: دلالة بعضها على أنّ عليّاً كان مشغولاً بالنبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ، وبعضها على أنّه كان مشغولاً بقسم الغنائم؛ إلى غير ذلك من الخصوصيّات المتنافية.
والجواب: أنّ تنافي الخصوصيّات لا يوجب كذب أصل الواقعة، وإنّما يقتضي الخطأ في الخصوصيّات؛ إذ لا ترى واقعة تكثر طرقها إلّا واختلف النقل في خصوصيّاتها، حتى أنّ قصّة انشقاق القمر قد وردت في الرواية التي تقدّمت عن الترمذي، بأنّ القمر صار فرقتين على جبلين، وفي رواية اُخرى للترمذي انشقّ فلقتين: فلقة من وراء الجبل وفلقة دونه، وفي «صحيح البخاري» فرقة فوق الجبل وفرقة دونه.
على أنّه لا تنافي بين تلك الخصوصيّات؛ لأنّ المراد بجميع الخصوصيّات في الوجه الأوّل هو رجوع الشمس إلى وقت صلاة العصر، كما صرّح به بعض الأخبار، لكن وقعت المبالغة في بعضها بأنّها توسّطت السماء، والمبالغة غير عزيزة في الكلام، كما أنّ وقوع ردّ الشمس في غزوة خيبر لا ينافي بلوغها نصف المسجد.
وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثاني، فلا تنافي بينها أيضاً؛ لصحّة حمل نوم النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على غشية الوحي، والاستيقاظ على تسرّيه، ولذا عبّر بعض الأخبار بالاستيقاظ بعد ذكر نزول جبرئيل وتغشّي الوحي للنبيّ‏(صلى اللّه عليه وآله وسلم) .
وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثالث فهي أظهر بعدم التنافي بينها؛ إذ لا يبعد أنّ قسم الغنائم هو الحاجة التي وقعت قبل شغل عليّ(عليه السلام) بالنبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) لا في عرضه. وعلى هذا القياس في سائر الخصوصيّات التي يتوهّم تنافيها»(66).
8 - طبيعة النقل وقلّته‏
ممّا ذكروه في عداد الإشكالات أنّه لو كان لواقعة «ردّ الشمس» أصلٌ؛ لكان من الطبيعي أن يراها عدد كبير من الناس، كما كان حريّاً أن تُسجَّل بوصفها واقعة تاريخيّة من أعظم عجائب العالم التي تتوفّر الدواعي إلى نقلها، ومن ثَمّ لَتناقلها مختلف الأقوام والملل، ولم يُقصر نقلها على عدّة قليلة.
ربما ظنّ بعضهم أنّ هذا الإشكال هو أهمّ ما يواجه الواقعة من إشكالات. بيدَ أنّه بدوره يحظى بجوابين: نقضيّ وحلّيّ معاً:
أمّا نقضاً: فقد شهد التاريخ الإسلامي على عهد رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حدوث واقعة عظيمة حقّاً هي «شقّ القمر» التي تُعدّ أدعى للعجب وإثارة الدهشة من مسألة «ردّ الشمس»؛ فقد انشقّ القمر وصار شطرين بإشارة إعجازيّة من النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) ،بعد أن طلب المشركون ذلك، بحيث صار كلّ شقّ على جانب.
وقد رأى المسافرون الذين كانوا يتّجهون تلقاء مكّة هذه الظاهرة الإعجازيّة، وأخبروا قريشاً برؤيتهم. ثمّ إنّ جميع المفسِّرين بلا استثناء أذعنوا للواقعة، وقد جاءت تؤكّدها الآيات الاُولى من سورة «القمر» وتوثّقها في قوله سبحانه‏(67): اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ(68)، ومن ثمّ لم تتوفّر الدواعي لإخفائها، لكن مع ذلك كلّه لم يزِد رواتها على رواة «ردّ الشمس»؛ كما لم تطبق شهرتها الآفاق أيضاً بحيث يعرف خبرها جميع الأقوام والملل.
أكثر من ذلك، لو لم تُوثّق الآيات الكريمة للواقعة وتؤبّدها على مدار الزمان من خلال الوحي الإلهي، فلربّما لم تبلغ نصوصها حتى هذا القدر الموجود الآن، ولاختفت النصوص، وصارت واقعة «شقّ القمر» في مطاوي النسيان.
أمّا الجواب حلّاً: فما يبعث على الأسف أنّ ثقافة ضبط الحديث وتدوينه وكتابته كانت ضعيفة بين عامّة المسلمين خلال القرن الهجري الأوّل؛ لأسباب ليس هذا محلّ تفصيلها. وبذلك اندثرت آثار ومآثر كثيرة، وضاع مثلها من الأحاديث والروايات، ومن ثَمّ لم تحظَ معاجز رسول‏اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) بنقولٍ مكثّفة تغطّيها باستفاضة من كلّ جانب.
من زاوية اُخرى يُلحظ أنّ الفضاء الذي كان يُهيمن على أجواء الحياة الإسلاميّة كان يميل إلى مواجهة الفضائل العلويّة، ويسعى إلى طمس مناقب آل اللَّه(عليهم السلام) ، ليس خلال القرن الأوّل وحده وإنّما على مدار قرون. وبذلك كان ضبط هذه الأخبار وإذاعتها يستتبع تبعات مكلّفة، ويترتّب عليه ثمن باهض.
إنّ هذا الجوّ الذي يعرفه الباحثون في تاريخ الإسلام، يمكن أن يفسِّر لنا قلّة النصوص بإزاء هذه الوقائع، وأكثر من ذلك أنّه يكشف أنّ هذا القدر الذي بلغنا كان رهين اللطف الإلهي، وما تحظى به تلك الوقائع من عظمة وجلال.
من جهة ثالثة يُلحظ أنّ الأرضيّة لم تكن واضحة بما فيه الكفاية لرؤية الواقعة من قبل عدد كبير من الناس؛ فمن ناحية كانت المدّة التي عادت بها الشمس قصيرة، ومن ناحية اُخرى تقضي طبيعة الحادثة وخصوصيّاتها ألّا تكون الشمس قد ارتفعت كثيراً في كبد السماء، وبذلك لم تكن رؤيتها ممكنة إلّا في المناطق القريبة من الاُفق، وبشرط عدم وجود المانع كالغمام والغبار(69).
مع ذلك كلّه، لا تبدو نصوص الواقعة قليلة إذا ما قيست بنصوص وأخبار ما سواها من الوقائع. فعلى رغم عدم عناية المعاصرين للواقعة وعدم اهتمامهم بتوثيقها بحكم كونهم في صلب الحادثة وصميمها، إلّا أنّ الذين وثّقوا لها في الأجيال اللاحقة، وعنَوا بضبطها وتدوينها لم يكونوا قلّة قط.
ومهما يكن؛ فإنّ وقوع «ردّ الشمس» هو أمر قطعيّ، وأخبار الواقعة ثابتة مستفيضة.

1) الخَلِفَة: الحامل من النُّوق وتُجمع على خَلِفات وخَلائف (النهاية: 2/68).
2) صحيح البخاري: 3/1136/2956، صحيح مسلم: 3/1366/1747 كلاهما عن أبي‏هريرة.
3) مشكل الآثار: 2/10، البداية والنهاية: 6/282 كلاهما عن أبي‏هريرة.
4) ص: 30 - 33.
5) من لا يحضره الفقيه: 1/202/607.
6) فتح الباري: 6/222.
7) المناقب لابن شهرآشوب: 2/318، بحارالأنوار: 41/175/10.
المزار للشهيد الأوّل: 91، بحارالأنوار: 100/374/9.
9) فتح الباري: 6/221.
10) الخصال: 580/1 عن مكحول.
11) المناقب للخوارزمي: 330/349؛ مائة منقبة: 130/75 نحوه وزاد فيه «وهما حرب بدر وحنين» بعد «الكرّتين».
12) الإرشاد: 1/345، إعلام الورى: 1/350 نحوه.
13) قرب الإسناد: 175/644 عن أبي‏جميلة، بحارالأنوار: 41/169/4.
14) البداية والنهاية: 6/83.
15) المعجم الكبير: 24/152/391 ، المناقب لابن المغازلي: 98/141 عن أبي‏رافع نحوه.
16) تاريخ دمشق: 42/314، البداية والنهاية: 6/78.
17) في المصدر: «و» بدل «أو»، والتصحيح من بحارالأنوار.
18) الصَّهباء: اسم موضع قرب خيبر على مرحلة أو مرحلتين (راجع معجم البلدان: 3/435).
19) في المصدر: «عبد»، والصحيح ما أثبتناه كما في بحارالأنوار.
20) علل الشرائع: 351/3، بحارالأنوار: 41/167/2.
21) البداية والنهاية: 6/86.
22) الإرشاد: 1/345، إعلام الورى: 2/350، المناقب لابن شهرآشوب: 2/316 نحوه وفيه «ما روت اُمّ‏سلمة وأسماء بنت عميس وجابر الأنصاري وأبوذرّ وابن عبّاس والخدري وأبوهريرة والصادق(عليه السلام)».
23) المعجم الكبير:24/145/382، مشكل الآثار: 2/9، البداية والنهاية: 6/80 وفيه «بالصهباء من أرض خيبر»؛ المناقب للكوفي: 2/517/1022 وفيه «بالصهباء في غزوة خيبر»، قصص الأنبياء: 290/358 وزاد في آخره «فقالت أسماء: وذلك بالصهباء في غزوة حنين، وأنّ عليّاً لعلّه صلّى إيماءً قبل ذلك أيضاً».
24) من لا يحضره الفقيه: 1/203/610؛ المعجم الكبير: 24/150/390، مشكل الآثار: 2/8، تاريخ‏دمشق: 42/314/8865، المناقب لابن المغازلي: 96/140، تذكرة الخواصّ: 50 كلّها نحوه إلى «طلعت بعدما غَربت»
25) الخصال: 550/30 عن أبي‏سعيد الورّاق عن أبيه عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه(عليهم السلام).
26) كشف اللبس للسيوطي: 106 عن أبي‏ذرّ؛ الخصال: 558/31 عن عامر بن واثلة نحوه.
27) ائتفكتِ البَلدة بأهلها: أي انقلَبت؛ فهي مُؤتَفكة (النهاية: 1/56).
28) سُوراء: موضع بالعراق‏من أرض‏بابل، وهي قريبة من الوقف والحِلّة المزيديّة (معجم البلدان: 3/278).
29) الواقعة: 74.
ئج والجرائح: 1/224/69، تأويل الآيات الظاهرة: 2/721/17، بحارالأنوار: 41/168/3 وص 178/13.
31) بصائر الدرجات: 218/3 وص 219/4 نحوه.
32) وقعة صفّين: 136، بحارالأنوار: 41/184/21.
33) الوَجْبَة: صوت الساقط يسقُط فتُسمع له هَدّةٌ (تاج‏العروس:2/466).
34) الإرشاد: 1/346، روضة الواعظين: 145، إعلام الورى: 1/351، المناقب لابن شهرآشوب: 2/318 عن جويرية بن مسهر وأبي‏رافع والحسين بن علي (عليهما السلام) .
ئج والجرائح: 2/499. راجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان الشعراء / حسّان بن ثابت.
36) الإرشاد: 1/347، خصائص الأئمّة(عليهم السلام): 52 وفيه «أحمد» بدل «ليوشع»، المناقب لابن شهرآشوب: 2/317؛ البداية والنهاية: 6/86 وليس فيه البيت الأخير. راجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان الشعراء / السيّد الحميري.
37) المناقب لابن شهرآشوب: 2/319، تفسير أبي‏الفتوح الرازي: 6/331.
38) المناقب لابن شهرآشوب: 2/319. راجع: القسم التاسع‏/عليّ عن لسان الشعراء/أبومحمّد العوني.
39) المناقب لابن شهرآشوب: 2/319. راجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان الشعراء / بكر بن حمّاد.
40) المناقب لابن شهرآشوب: 2/319.
41) أبوتمّام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي: ولد أيّام الرشيد. أسلم وكان نصرانيّاً، كان واحد عصره في ديباجة لفظه وفصاحة شعره، وفي تاريخ وفاته خلاف بين سنة 228 و 231 و 232 ه (راجع سير أعلام النبلاء: 11/63/26).
42) البداية والنهاية: 6/87.
43) ذُكاء - بالضمّ -: اسم الشمس (لسان العرب: 14/287).
44) الروضة المختارة: 140، إثبات الهداة: 2/533. راجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان الشعراء / ابن أبي‏الحديد.
45) الكافي: 4/562/7، قصص الأنبياء: 291/359 نحوه.
46) الغدير: 3/127.
47) كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس: 18.
48) الغدير: 3/128.
49) تفسير الفخر الرازي: 32/126.
50) لمزيد الاطّلاع على رواة الحديث وطرقه وأسانيده، راجع: إحقاق الحقّ، 5/521 - 539 وج 16/331-315 وج 20/617 - 620 وج 21/261 - 271.
51) قال الذهبي في ميزان الاعتدال: «أحمد بن صالح، أبوصالح المصري الحافظ الثبت، أحد الأعلام... قال البخاري: أحمد بن صالح ثقة، ما رأيت أحداً يتلكّم فيه بحجّة» (ميزان الاعتدال: 103/406، وراجع التاريخ الكبير: 2/6/1510 و الوافي بالوفيات: 6/424/2942).
52) مشكل الآثار: 2/11.
53) مشكل الآثار: 2/11.
54) فتح الباري: 6/221.
55) راجع الغدير: 3/133/27.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3lawi.yoo7.com
 
رد الشمس لعلي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من وصايا رسول الله لعلي
» علي يرد الشمس في البقيع
» كيف نقي أنفسنا من أشعة الشمس الضارّة فى فصل الصيف ؟
» دعائنا لرجالنافي وطننا سوريا بلاد الشمس
» دعائنا لرجال وطننا سوريا بلاد الشمس المشرقة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع العقيدة العلوية النصيرية :: المنتديات الإسلاميــــة الدينيــة :: منتدى حكم ومواعظ الأئمة-
انتقل الى: