صفات المؤمن العلويّ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ الأحدِ الفردِ العالي ، الحمدُ للهِ صاحبِ العزّةِ والتعالي ، الحمدُ للهِ على ما أنعمَ علينا من نعمهِ السوابغ ، الحمدُ للهِ على ما خصنا به من حججه الدوامغ ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِ الرسلِ الأمين محمّدٍ وآلهِ الطيبينَ المطهرينَ من الرجسِ تطهيرا .
نبتدئُ بخيرتهِ وفضلهِ وجودهِ ومنـِّهِ ومعونتهِ بالحديث عن صفات المؤمن العلويّ وما يتحلى به من المكارم والفضائل والمزايا التي حازها بفضل ولايته لآل الطهارةِ ومعدنِ النبوَّةِ والسعيِ بشريعةِ الإسلام شرعِ محمّدٍ وآله .
لنتكلم أولاً عن الواقع المعيشي للمؤمن العلوي ( سيرة الحياة العادية ) :
يولدُ المؤمنُ العلويُّ في بيئةٍ ووسطٍ دينيٍّ تسودُهُ العلاقات الاجتماعية البسيطة المرتكزة على مجموعة من الأفراد المتجاورين في المسكن ويمثل له هذا الوسط المجتمع بأكملهِ فما يقررهُ هذا الوسط من قرارات واجبة الالتزام من قبل الأفراد بغضّ النظر عن القانون السائد وهذا ما يسمى بالعرف فأفراد هذا المجتمع يتعارفون على مجموعةٍ من القناعات والآراء والتي تصبحُ ملزمةً بمضيّ الزمن واعتناق هذه الآراء والقناعات لفترةٍ طويلة ، والمؤمن العلويّ في خضمِّ هذه الآراء وهو من المعتنقين لها منذ طفولته ومقتبل عمرهِ فتتداخل بشخصيّتهِ وتتغلغل بأفكاره وهذه الآرارء تتمثل بترسيخ قواعد الإسلام وقوانينه والواجبات المفروضة في المجتمع أغلبه إن لم نقل أكمله ، والجري الحثيث خلف آل بيت النبوّة ( عليهم السلام ) بالولاية الصادقة العارية والنقيّة من الشوائب وذلك باتباع أقوالهم وآثارهم وتطبيقها على أكمل وجه ، فينشأُ المؤمنُ العلويُّ وسطَ هذه البيئةِ المفعمةِ بتعاليم الإسلام وتعاليم آل بيت محمد ( عليهم السلام ) ، وما أن يبلغَ من العمرِ شيئاً قليلاً ومبلغاً قليلاً تراهُ ينبغُ في الدين والعلم الديني فتراهُ عارفاً بأوامرِ ربّهِ مطيعاً لهُ في أمرهِ ونهيه متبعاً لشجرةِ النبوّةِ بصدق اليقين يتفيَّءُ ظلـّها الظليل ، يتكلـّمُ بكلامهم ويتأدّبُ بآدابهم ، وينهلُ وِردهم وينشقُ عطرَ وَردهم ، ولا يمضي الوقت ويجري الزمن حتى يصبحَ مرجعاً دينياً في وسطه تتهافتُ عليه الناس وتتلقاهُ بالحفاوةِ والتقدير لما ناله من علمٍ ومعرفةٍ وما أطاعَ اللهَ فيه من صلواتٍ وصيامٍ وزكاةٍ مفروضةٍ وحجٍّ إن استطاعَ إليه سبيلاً وجهادٍ لأعداء الله وأعداءِ نبيّهِ وآل نبيّهِ ، بالقتالِ إن أمكن أو بالكلامِ أو بالقلب .
صفات الإيمان عند المسلمين العلويين :
لا بدَّ لنا من الحديث عن صفات الإيمان عند المسلمين العلويين والتي تبيّن لنا طبيعة الشخص العلويّ المؤمن وتفاصيلها وحيثياتها مع أخذ بعين الاعتبار الفطرة الإسلامية وما يتبعها من جوانب مشرقة في تلك الشخصيّة .
أوَّلُ تلكَ الصفات : 1. المعرفة : لا يعدّ الشخص عند المسلمين العلويين يتحلى بالإيمان إن لم يكن لديهِ كمّاً معرفياً يخوّله بلوغ تلك الصفة الإيمانيّة ، وذلك من خلال تنشئتهِ تنشئةً أسريّةً دينيّةً تتمخّضُ فيها آراؤهُ بولاية آل بيت النبوّة واتباعهم قولاً وفعلاً ، فأوّلُ سبلِ المعرفة التي عليه عبورهُ هو تعلـّمُ القرآن الكريم تعلـّماً كافياً ليكوّنَ بهِ آاراءهُ الإسلامية ، وحفظهُ إن أمكنَ ، ودراستهُ دراسة تربويّة نفسيّة عقائديّة ، فكما هو معروف أنّ القرآن الكريم يتضمّنُ قواعداً تربويّةً ومعيشيّةً تساعدُ من يتبعها في بناء حياة إنسانية مستقيمة ومستوية وهذا من إعجاز القرآن الكريم ، ويتضمّنُ أيضاً عدداً كبيراً من القيمِ الأخلاقية التي تولـّدُ الحياة السليمة التي يحلمُ بها أيُّ شخصٍ ينشدُ الكمال الأخلاقي ، ولا يمكن أن ننسى ما بهِ من قواعد فقهيّة عقائديّة هي الصراط المستقيم التي علينا السير فيه للوصول إلى الجنان التي وعدناها من ربّنا " عزَّ وجلَّ " ، فتعلـمُ القرآن الكريم وحفظهُ هو السبيلُ الأولُ من سبلِ المعرفة عند المسلمين العلويين .
وثاني سبلِ المعرفة عند المسلمين العلويين هو الأحاديث النبويّة الشريفة الصحيحة الإسناد المتواترة عن طريق الثقاة ، وأحاديث الأئمّةِ الطاهرين التي لا ينطقون إلا بالصواب ، وما بهذه الأحاديث من مبادئ دينيّة وأخلاقيّة وتربويّة وفوائد أسريّة وحياتيّة تلزمُ كلَّ شخصٍ في مسيرةِ حياتهِ الدنيا ،ومن أوامر ونواهي وضوابط وملزمات تحفّز لدى المرء حوافزَ الخيرِ وتجنّبُهُ حوافزَ الشرّ .
2. الإيمان : لا شكَّ أنَّ بعد المعرفة يأتي الإيمان ، وقد جعلناهُ بعدَ المعرفة لكون المعرفة آتية من التعرّف على الشيء ، ولا يمكن أن تثقَ بالشيء وتؤمنَ بهِ إلا بعدَ أن تتعرفَ عليه وعلى منافعه ومضارّهِ ، فالإيمان بالكتاب الكريم وبالسنّةِ النبويّة وبكلام الأئمّة ( عليهم السلام ) هو الذي يخلقُ المؤمنَ والروحَ الإيمانيّة التي تتجلـّى صفاتها على المرء وتنطقُ منه فلا ينطقُ إلا بنورِ إيمانهِ الثاقب الذي يؤتيهِ من المزايا ما لا يستطيعُ اللسانُ وصفها .
3- العمل الصالح : العملُ الصالح هو النتيجة الحتميّة للمعرفة والإيمان فبالمعرفة تدرك الخير وتجتنب الشرّ وتسعى نحوَ المكارم ما أمكنك ، وبالإيمان تؤمن وتثقُ بنفسكَ المؤمنة وروحك المتشعشة بنور اليقين وتصدّقُ الآيات اللائحة فترى كمالَ الإيمان تتويجَهُ بعملٍ صالحٍ يرافقُ إيمانك الحيّ ويفجّرُ الطاقاتِ الخيّرة الكامنة في نفسكَ المؤمنة ، فالعمل بلسمُ النفوس ، وبه تغسلُ الآثامُ وتكتبُ الحسنات ، وتطمئنُّ الروح وتخشعُ الجوارح ، والعمل الصالح هو جوهرُ الإيمان ومعدنهُ الصافي الذي تنسابُ معهُ العقولُ لتدركَ معنى وجودها وتستجمعُ قدراتها الموهوبة من العقلِ الأول فترقى نحو كمالٍ خلقيٍّ موصوفٍ بحسنِ الاستجابةِ لنداءِ الخير(*).
موضوع: ملامح صفات المؤمن العلوي 
الإثنين يوليو 05, 2010 4:29 pm
