راسلات شعرية بين فضيلة الشيخ العلامة عبد الهادي حيدر وأخيه الأستاذ عبد الرزاق حيدر رحمهما الله تعالى ..
من عبد الرزاق حيدر إلى الشيخ عبد الهادي حيدر
دَع عنك ما كان من قيلٍ و من قالِ == واحذر مقالة أفاكٍ و دجّالِ
و علِّل النفسَ بالصبرِ الجميلِ فما == شيءٌ يدومُ بدنيانا على حالِ
حفظتُ حبك في سرّي و في علني == و صنتُ عهدكَ في حلّي وترحالِ
أنتَ الملاذُ لنا في كلِ معضلةٍ == رغم الحسود ورغم الشانئ القالي
أعيذُ قلبك عن حقدٍ و عن دنسٍ == فليس فيه سوى نور التُقى العالي
كقلب عيسى خلا من كل شائبةٍ == قد صانه الله عن حقدٍ و إزحالِ
هل كان مثلُ أبي الزهراءِ مَرحَمةً == بالحبِ و الخيرِ للأصحاب والآلِ
لولا الإساءةُ لم يظفر بمغفرةٍ == عبدٌ أساءَ بأقوالٍ و أفعالِ
خيرُ الأبوّة من في ظل رحمته == عاش البنون بغفرانٍ و آمالِ
فانسَ الإساءة واجزِ عنها مغفرةً == إذا بَدَتْ لك من أقوالِ جهّالِ
على رغم طولِ البُعدِ تبقى الأواصرُ == و زَيفُ الحلى يفنى و تبقى الجواهرُ
و مهما يَطُل عهدُ القطيعةِ و النّوى == فلا بُدَّ من يومٍ تُزَفُّ البشائرُ
أبا حيدرٍ إن فرّق الدهرُ بيننا == فإني برغم البَين للعهد ذاكرُ
أصونُ و أرعى حُرمة الوُدّ دائماً == إذا لم يصنها بالملماتِ غادرُ
بذكركَ نشدو كل يومٍ و ليلةٍ == كأنك فيما بيننا أنتَ حاضرُ
سنمضي كما علمتنا في حياتنا == نُساجلُ في دربِ العُلى و نُفاخرُ
نُعاهدُ أربابَ الوفاءِ كما وفَت == لصخرٍ على طول الزمان تَماضرُ
أبا حيدرٍ ما العمرُ إلا مودّةً == يَعيشُ بها قلبٌ نقيٌ و طاهرُ
يَعيشُ عزيزُ النفسِ بالحب مُخلصٌ == و يَحي حياة الذل بالحقدِ فاجرٌ
أسيرُ بعينِ الحب في كل خطوةٍ == و أرغبُ أن لا يزجر الطيرُ زاجرُ
و أرعى نجوم الليل في دار غربتي == إذا انفضّ عني بالمُلماتِ سامِرُ
أرى رَجُلَ الدنيا وواحدَ فخرها == ينالُ العُلى إذ تعتريه المخاطرُ
تَبيتُ بُغاثُ الطيرِ دوماً على الطوى == و تظفر بالصيد الأُسودُ الكواسرُ
فمَن كان لا يبغي سوى الحقّ رائداً == له الله و الإنصافُ و الحقُ ناصرُ
ساجعَ الدّوح و الرياضِ النديّة طُف بأنغامِكَ العِذابِ الشجيّة
و تنقّل بين الحدائقِ من غُصنٍ لغُصنِ في بكرةٍ وعشية
و أعرني أوهب ليَ النغم الساحرَ كي أُطربَ النفوسَ الزكيّة
من عبيرِ الرياض و الشعر و الحُب نظمتُ التحية الشعرية
و هي مني إلى الأحبة تُهدى بحلاها أحلى و أغلى هدية
لأبي حيدرٍ فتى النُبلِ و المجد و صنو الفخارِ و العبقرية
يا أبا حيدرٍ و من كأبي حيدرَ مجداً سما وكفاً سخيّة
قد أطلتَ الهُجران سامحك الله و أبعدتنا فهل من خطيّة
لا تُصدّق مقالة المُرجِف الفاجر من دون حكمة ورويّة
نالَ مني و منك ظلماً و بَغيا ومضى يَدّعي العُلى و الحميّة
با حيدرٍ صنو المودّة و الوفا = فتى النبل و الأمجادِ و الخلق العالي
أحييكَ من أعماق قلبي تحيةً = معطّرة بالمسك و العنبر الغالي
يَحُفُّ بها عهدُ المودّة صافياً = صفاءَك بالإخلاصِ لله و الآلِ
إذا مالَ عن عهدِ المودّة غادرٌ = و أسرف بالبهتانِ في قوله قالي
فإني على عهد المودّة لم أزل = أفديك يوم الروع بالروح و المالِ
و أرجو لك العيش الرغيدَ على المدى
لتحيا و تبقى ناعم القلب والبالِ