من وصايا الخصيبي
توجه شيخنا و سيدنا أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي(قده) لطلابه و مريديه بهذه الوصية و فيها يظهر حرصه و حضه على التمسك بالكتاب الكريم و السنة المطهرة , و الأخلاق الفاضلة و السلوك المستقيم و الايمان بالله و الدعوة الى اصلاح الفرد و المجتمع
بسم الله الرحمن الرحيم
.... اعلموا أيها السادة : أن الله و لله الحمد , أنعم علينا بايجادنا من لا شيء و يسرنا للسعي , و أوجد لنا الاسباب , و أعطانا العقل , و منحنا حرية الارادة و جوهر الاختيار, فالهناية الالهية جلت حكمتها, قضت و أبت أن لا تكون الأمور الا منوطة بأسبابها , و أن لا يحصل للانسان غاية الا بالسعي اليها و جرها بسلسلة أسبابها, لأن لكل مخلوق حاجة , و لكل جاجة غاية ,و الله سبحانه وقّت أقدارها , و هيأ للغايات سبلها , و أن غاية كل مخلوق صلاح معاشه و معاده , و اعلمواهداكم الله الى الحق و جعلكم من أتباعه و عصمكم من الباطل, و جنبكم صحبة أهله , و سهل لكم سبل الخير , و أرشدكم الى معرفة أهله اذا تبينتم أفعالا" واقعية و اعمالا" طبيعية و علمتم الاختلاف فيها فيما بين الرسالة و الوقت الحاضر , فلا تجمدوا و تتحيروا , لأن ثلاث مائة و خمسين عاما" بعد الهجرة لكافية بأن تحدث اختلافات في شؤون الحياة العامة , و أطوار الاجتماع الانساني يحدث فيه التغيير للرأي الاجتهادي , فكيف لا و قد تغيرت الأحكام , و تبدلت الحكام , و نشأ الترف و توفر المال و ظهرت البدع و أصيب التفكير والتعبير بتبدلات دينية و اجماعات سياسية .
و الزمان قد استدار و تغيرت معه الأطوار فاصلاحنا الاجتماعي أصبح متوقفا على نظرة اجتهادية يقوم بها جمع من المفكرين في عصرنا الحاضر هذا..
و كل ما أريده منكم أيها السادة و احب أن ينشأ فيكم رجال تتوفر فيهم ملكة الفهم , فيستنبطون من الطرائق حقائق . و من الفروع اصولا", و من اقوال من تقدمهم أحكاما" تنطبق على الأحكام الشرعية و يكون استنباطهم اجماعيا" لا فرديا", و ليكن لكم في كل بلدة رئيس ديني , ترجعون اليه , و تعتمدون عليه في تعيين أرباب الوظائف الدينية من أهل المقدرة و الكفاءة من خيرالأعمال و أشرفها , وأشدها تأثيرا"في اصلاح اأخلاق و الآداب و الرجوع الى فضائل الدين و ما أحوجنا الى هذا العمل.
و أوصيكم بالاسقامة , و لا تتبعوا خطوات الشيطان فتضلوا من سواء السبيل , و ها أنا ألقي عليكم في هذا المجتمع ما محضته الأفهام و دونته الأقلام , مما يجب أن يقال في هذا المقام لعلكم اذا حصلتم من محصل كلامي على لوامع الأسرار ,و أشرقت على أبصاركم من مطالعة الأنوار لا تقفون عند تخاصم الأراء , و تتربصون لدى تصادم الأهواء , بل تربصوا لاشراق أهلة النجاح , و أدلة الفلاح , فبالله عليكم كونوا مع الخير و الى الخير , فالأشياء بامثالها أليق , و لأشكالها أقرب ......
من كتاب أعلام من المذهب الجعفري للسيد ديب علي حسن
و هو نقلا"عن الأستاذ المرحوم حامد حسن و قد أشار الى أنها منقولة عن مخطزط خاص و رسالة عن السيد الخصيبي و مولده و نشأته و ثقافته ,تأليف العلامة المرحوم الشيخ علي عباس