موقع العقيدة العلوية النصيرية
مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 829894
ادارة المنتدي مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 829894
ادارة المنتدي مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله 103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


من وإلى كل العلويين ...علماؤنا وأعلامنا الأفاضل...تعريفٌ بطائفتنا العلوية الكريمة...وردٌّ عل المرتدين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله Empty
مُساهمةموضوع: مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله   مماروي عن مولانا  علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 27, 2011 8:15 am

[size=24]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيِم اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمينَ ، [ وَ الصَّلاَةُ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلينَ ] .
أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ أَحْمُدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ .
أَوَّلُ كُلِّ شَي‏ءٍ وَ آخِرُهُ ، وَ مُبْتَدِئُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مُعيدُهُ
كُلُّ شَيْ‏ءٍ خَاشِعٌ لَهُ ، وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ قَائِمٌ بِهِ ، وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ضَارِعٌ إِلَيْهِ ، وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ مُشْفِقٌ مِنْهُ .
خَشَعَتْ لَهُ الأَصْوَاتُ ، وَ قَامَتْ بِأَمْرِهِ الأَرْضُ وَ السَّموَاتُ ، وَ ضَلَّتْ دُونَهُ الأَعْلاَمُ ، وَ كَلَّتْ دُونَهُ الأَبْصَارُ .
سُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ ، وَ أَجَلَّ سُلْطَانَهُ
أَمْرُهُ قَضَاءٌ وَ حِكْمَةٌ ، وَ رِضَاهُ أَمَانٌ وَ رَحْمَةٌ ، وَ كَلاَمُهُ نُورٌ ، وَ سَخَطُهُ عَذَابٌ .
وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ، شَديدُ النَّقْمَةِ ، قَريبُ الرَّحْمَةِ
يَقْضي بِعِلْمٍ ، وَ يَعْفُو بِحِلْمٍ ، غِنى كُلِّ فَقيرٍ ، وَ عِزُّ كُلِّ ذَليلٍ ، وَ قُوَّةُ كُلِّ ضَعيفٍ ، وَ مَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ .
يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ الصُّدُورُ ، وَ مَا تَخُونُ الْعُيُونُ ، وَ مَا في قَعْرِ الْبُحُورِ ، وَ مَا تُرْخى عَلَيْهِ السُّتُورُ .
اَلرَّحيمُ بِخَلْقِهِ ، الرَّؤُوفُ بِعِبَادِهِ ، عَلى غِنَاهُ عَنْهُمْ وَ فَقْرِهِمْ إِلَيْهِ.
مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ ، وَ مَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ ، وَ مَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَ مَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ.
اَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى مَا تَأْخُذُ وَ تُعْطي ، وَ عَلى مَا تُعَافي وَ تَبْتَلي ، وَ عَلى مَا تُميتُ وَ تُحْيي ،
حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ ، وَ أَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ ، وَ أَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ ، حَمْداً يَمْلأُ مَا خَلَقْتَ ، وَ يَبْلُغُ
مَا أَرَدْتَ ، حَمْداً لاَ يُحْجَبُ عَنْكَ ، وَ لاَ يُقْصَرُ] دُونَكَ ، وَ يَبْلُغُ فَضْلَ رِضَاكَ ، حَمْداً يَفْضُلُ حَمْدَ مَنْ مَضى ، وَ يَعْرِفُ حَمْدَ مَنْ بَقى ، حَمْداً لاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ ، وَ لاَ يَفْنى مَدَدُهُ .
فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ ، إِلاَّ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومٌ لاَ تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لاَ نَوْمٌ .
لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ ، وَ لَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ ، وَ لاَ يَقْدِرُ قُدْرَتَكَ مَلَكٌ وَ لاَ بَشَرٌ أَدْرَكْتَ الأَبْصَارَ ، وَ كَتَمْتَ الآجَالَ ، وَ أَحْصَيْتَ الأَعْمَالَ ، وَ أَخَذْتَ بِالنَّوَاصي وَ الأَقْدَامِ .
لَمْ تُعَنْ في قُدْرَتِكَ ، وَ لَمْ تُشَارَكْ في إِلهَيَّتِكَ ، وَ لاَ يَبْلُغُكَ بُعْدُ الْهِمَمِ ، وَ لاَ يَنَالُكَ غَوْصُ الْفِطَنِ ، وَ لاَ يَنْتَهي إِلَيْكَ نَظَرُ النَّاظِرينَ .
إِرْتَفَعَتْ عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقينَ صِفَةُ قُدْرَتِكَ ، فَلاَ يَنْتَقِصُ مَا أَرَدْتَ أَنْ يَزْدَادَ ، وَ لاَ يَزْدَادُ مَا أَرَدْتَ أَنْ يَنْتَقِصَ .
وَ كَيْفَ تُدْرِكُكَ الصِّفَاتُ ، أَوْ تَحْويكَ الْجِهَاتُ ، وَ قَدْ حَارَتْ في مَلَكُوتِكَ مَذَاهِبُ التَّفْكيرِ ، وَ حَسِرَ عَنْ إِدْرَاكِكَ بَصَرُ الْبَصيرِ [.
وَ مَا الَّذي نَرى مِنْ خَلْقِكَ ، وَ نَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ ، وَ نَصِفُهُ مِنْ عَظيمِ سُلْطَانِكَ ، وَ مَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ ، وَ قَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ ، وَ انْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ ، وَ حَالَتْ سُتُورُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ ،
أَعْظَمُ .
فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ ، وَ أَعْمَلَ فِكْرَهُ ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ ، وَ كَيْفَ ذَرَأْتَ خَلْقَكَ ، وَ كَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَموَاتِكَ ، وَ كَيْفَ مَدَدْتَ عَلى مَوْرِ الْمَاءِ أَرْضَكَ ، ضَلَّ هُنَالِكَ التَّدْبيرُ في تَصَاريفِ الصِّفَاتِ لَكَ .
فَمَنْ تَفَكَّرَ في ذَلِكَ رَجَعَ طَرْفُهُ حَسيراً ، وَ عَقْلُهُ مَبْهُوراً ، وَ سَمْعُهُ وَ الِهاً ، وَ فِكْرُهُ حَائِراً .
وَ كَيْفَ يُطْلَبُ عِلْمُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عِزِّ شَأْنِكَ ، إِذَا أَنْتَ فِي الْغُيُوبِ وَ لَمْ يَكُنْ فيهَا غَيْرُكَ ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاكَ ؟ .
لَمْ يَشْهَدْكَ أَحَدٌ حَيْثُ فَطَرْتَ الْخَلْقَ ، وَ لاَ نِدٌّ حَضَرَكَ حينَ ذَرَأْتَ النُّفُوسَ .
فَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مُتَوَالِياً يَدُومُ وَ لاَ يَبيدُ ، غَيْرَ مَفْقُودٍ فِي الْمَلَكُوتِ ، وَ لاَ مُنْتَقَصٍ فِي الْعِرْفَانِ ، فِي اللَّيْلِ إِذَا أَدْبَرَ ، وَ فِي الصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ، بِالْغُدُوِّ وَ الآصَالِ ، وَ الْعَشِيِّ وَ الاِبْكَارِ .
كَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ صِفَتِكَ ، وَ انْحَسَرَتِ الْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِكَ ، وَ تَوَاضَعَتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِكَ ،
وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِعِزَّتِكَ ، وَ انْقَادَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِقُدْرَتِكَ ، وَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ لِسُلْطَانِكَ .
وَ كَيْفَ لاَ يَعْظُمُ شَأْنُكَ عِنْدَ مَنْ عَرَفَكَ ، وَ هُوَ يَرى مِنْ عِظَمِ خَلْقِكَ مَا يَمْلأُ قَلْبَهُ ، وَ يُذْهِلُ عَقْلَهُ ، مِنْ رَعْدٍ يَقْرَعُ الْقُلُوبَ ، وَ بَرْقٍ يَخْطَفُ الْعُيُونَ ؟
لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ ، بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفينَ مِنْ خَلْقِكَ .
لَمْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ ، وَ لاَ اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ ، وَ لاَ يَسْبِقُكَ مَنْ طَلَبْتَ ، وَ لاَ يُفْلِتُكَ مَنْ أَخَذْتَ ،
وَ لاَ يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ ، وَ لاَ يَزيدُ في مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ ، وَ لاَ يَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ ،
وَ لاَ يَسْتَغْني عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ .
كُلُّ سِرٍّ عِنْدَكَ عَلاَنِيَةٌ ، وَ كُلُّ غَيْبٍ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ .
أَنْتَ الأَبَدُ لاَ أَمَدَ لَكَ ، وَ أَنْتَ الْمُنْتَهى لاَ مَحيصَ عَنْكَ ، وَ أَنْتَ الْمَوْعِدُ لاَ مَنْجَا مِنْكَ
بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَ إِلَيْكَ مَصيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ ، وَ بِإِذْنِكَ تَسْقُطُ كُلِّ وَرَقَةٍ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ .
سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ مَا نَرى مِنْ خَلْقِكَ ، وَ مَا أَصْغَرَ عَظيمَهُ في جَنْبِ قُدْرَتِكَ . وَ مَا أَهْوَلَ مَا نَرى مِنْ مَلَكُوتِكَ ، وَ مَا أَحْقَرَ ذَلِكَ فيمَا غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ ، وَ مَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا ، وَ مَا أَحْقَرَهَا [ 7 ] من : لم ترك إلى : عن أرضك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 109 .
وَ مَا أَصْغَرَهَا في جَنْبِ نِعَمِ الآخِرَةِ .
مِنْ مَلاَئِكَةٍ أَنْشَأْتَهُمْ إِنْشَاءً ، فَ أَسْكَنْتَهُمْ سَموَاتِكَ ، وَ رَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ ، وَ أَكْرَمْتَهُمْ بِجُودِكَ ،
وَ ائْتَمَنْتَهُمْ عَلى وَحْيِكَ ، وَ جَنَّبْتَهُمُ الآفَاتِ ، وَ وَقَيْتَهُمُ الْبَلِيَّاتِ ، وَ طَهَّرْتَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ ، فَلَيْسَ فيهِمْ فَتْرَةٌ ،
وَ لاَ عِنْدَهُمْ غَفْلَةٌ ، وَ لاَ بِهِمْ مَعْصِيَةٌ ، لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ ، وَ لاَ سَهْوُ الْعُقُولِ ، وَ لاَ فَتْرَةُ الأَبْدَانِ.
هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ ، وَ أَخْوُفُهُمْ لَكَ ، وَ أَقْرَبُهُمْ مِنْكَ ، لَمْ يَسْكُنُوا الأَصْلاَبَ ، وَ لَمْ يُضَمَّنُوا الأَرْحَامَ ، وَ لَمْ يُخْلَقُوا مِنْ مَاءٍ مَهينٍ ، وَ لَمْ يَتَشَعَّبْهُمْ رَيْبُ الْمَنُونِ .
وَ لَوْ لاَ تَقْوِيَتُكَ لَمْ يَقْوَوْا ، وَ لَوْ لاَ تَثْبيتُكَ لَمْ يَثْبُتُوا ، وَ لَوْ لاَ رَهْبَتُكَ لَمْ يُطيعُوا ، وَ لَوْ لاَ أَنْتَ لَمْ يَكُونُوا.
وَ إِنَّهُمْ عَلى مَكَانِهِمْ مِنْكَ ، وَ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ ، وَ اسْتِجْمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فيكَ ، وَ كَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ ،
وَ قِلَّةِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ ، لَوْ عَايَنُوا كُنْهَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ ، وَ لَزَرَوْا عَلى أَنْفُسِهِمْ ،
وَ لَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ ، وَ لَمْ يُطيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ .
سُبْحَانَكَ خَالِقاً وَ مَعْبُوداً .
وَ سُبْحَانَكَ] بِحُسْنِ بَلاَئِكَ عِنْدَ خَلْقِكَ مَحْمُوداً .
وَ سُبْحَانَكَ خَلَقْتَ دَاراً وَ جَعَلْتَ فيهَا مَأْدَبَةً : مَشْرَباً وَ مَطْعَماً ، وَ أَزْوَاجاً وَ خَدَماً ، وَ قُصُوراً وَ أَنْهَاراً ، وَ زُرُوعاً وَ ثِمَاراً .
ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً يَدْعُو إِلَيْهَا ، فَلاَ الدَّاعِيَ إِلَيْهَا أَجَابُوا ، وَ لاَ فيمَا رَغَّبْتَ فيهِ رَغِبُوا ، وَ لاَ إِلى مَا شَوَّقْتَ إِلَيْهِ اشْتَاقُوا . أَقْبَلُوا عَلى جيفَةٍ قَدِ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا ، وَ اصْطَلَحُوا عَلى حُبِّهَا ،
وَ أَعْمَتْ أَبْصَارَ صَالِحي زَمَانِهَا ، وَ في قُلُوبِ فُقَهَائِهِمْ مِنْ عِشْقِهَا ، وَ مَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشى
بَصَرَهُ ، وَ أَمْرَضَ قَلْبَهُ ، وَ أَمَاتَ لُبَّهُ ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ صَحيحَةٍ ، وَ يَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَميعَةٍ .
قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ ، وَ أَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَهُ ، وَ وَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا وَ لِمَنْ في يَدَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا ، حَيْثُمَا زَالَتْ زَالَ إِلَيْهَا ، وَ حَيْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا .
لاَ يَنْزَجِرُ مِنَ اللَّهِ بِزَاجِرٍ ، وَ لاَ يَتَّعِظَ مِنْهُ بِوَاعِظٍ ، وَ هُوَ يَرَى الْمَأْخُوذينَ عَلَى الْغِرَّةِ ، حَيْثُ فَارَقُوا الدُّورَ ، وَ صَارُوا إِلَى الْقُبُورِ ، وَ حُشِرُوا إِلى دَارٍ دَانَتْ لَهُمْ فيهَا دَوَاهِي الأُمُورِ ، فَ لاَ إِقَالَةَ لَهُمْ وَ لاَ رَجْعَةَ ، فَعَلِمَ كُلُّ عَبْدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ مَغْرُوراً مَخْدُوعاً .
فَسُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ بِهِمْ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَ ، وَ جَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ ، وَ قَدِمُوا مِنَ الآخِرَةِ عَلى مَا كَانُوا يُوعَدُونَ .
فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ ، اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ خَلَّتَانِ
سَكْرَةُ الْمَوْتِ ، وَ حَسْرَةُ الْفَوْتِ .
فَاغْبَرَّتْ لَهَا وُجُوهُهُمْ ، وَ فَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ ، وَ تَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ ، وَ عَرِقَتْ لَهَا جِبَاهُهُمْ ،
وَ حَرَّكُوا لِمَخْرَجِ أَرْوَاحِهِمْ أَيْدِيَهُمْ
ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فيهِمْ وُلُوجاً ، فَحيلَ بَيْنَ أَحَدِهِمْ وَ بَيْنَ مَنْطِقِهِ ، وَ إِنَّه لَبَيْنَ أَهْلِهِ يَنْظُرُ بِبَصَرِهِ ،
وَ يَسْمَعُ بِأُذُنِهِ ، عَلى صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِ ، وَ بَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ ، يُفَكِّرُ : فيمَ أَفْنى عُمْرَهُ ، وَ فيمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ ، وَ يَتَذَكَّرُ أَمْوَالاً جَمَعَهَا ، وَ حُقُوقاً مَنَعَهَا ، وَ قَدْ أَغْمَضَ في مَطَالِبِهَا ، وَ أَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا وَ مُشْتَبَهَاتِهَا ،
قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ جَمْعِهَا ، وَ أَشْرَفَ عَلى فِرَاقِهَا ، تَبْقى لِمَنْ وَرَاءَهُ يَنْعَمُونَ فيهَا ، وَ يَتَمَتَّعُونَ بِهَا ،
فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ لِغَيْرِهِ ، وَ الْعِبْ‏ءُ عَلى ظَهْرِهِ ، وَ حِسَابُهَا عَلَيْهِ.
وَ الْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ بِهَا ، فَهُوَ يَعَضُّ يَدَهُ نَدَامَةً عَلى مَا أَصْحَرَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ ،
وَ يَزْهَدُ فيمَا كَانَ يَرْغَبُ فيهِ أَيَّامَ عُمُرِهِ ، وَ يَتَمَنَّى أَنَّ الَّذي كَانَ يَغْبِطُهُ بِهَا ، وَ يَحْسُدُهُ عَلَيْهَا ، قَدْ حَازَهَا دُونَهُ .
فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ بِالْمَرْءِ يَزيدُهُ وَ يُبَالِغُ في جَسَدهِ ، حَتَّى خَالَطَ لِسَانَهُ وَ سَمْعَهُ ، فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِهِ لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ ، وَ لاَ يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ ، يُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ في وُجُوهِهِمْ ، يَرى حَرَكَاتٍ أَلْسِنَتِهِمْ ،
وَ لاَ يَسْمَعُ] رَجْعَ كَلاَمِهِمْ .
ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ بِهِ الْتِيَاطاً ، فَقَبَضَ بَصَرَهُ كَمَا قَبَضَ سَمْعَهُ ، فَذَهَبَتْ مِنَ الدُّنْيَا مَعْرِفَتُهُ ،
وَ هَمَلَتْ عِنْدَ ذَلِكَ حُجَّتُهُ .
وَ مَا زَالَ الْمَوْتُ يَزيدُهُ حَتَّى خَالَطَ عَقْلَهُ ، فَصَارَ لاَ يَعْقِلُ بِعَقْلِهِ ، وَ لاَ يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ ، وَ لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ ، [ وَ لاَ يُبْصِرُ بِعَيْنِهِ ] .
فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ .
ثُمَّ زَادَهُ الْمَوْتُ حَتَّى] خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ ، فَصَارَ جيفَةً عِنْدَ أَهْلِهِ ، قَدْ أُوحِشُوا مِنْ جَانِبِهِ ، وَ تَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ ، لاَ يُسْعِدُ بَاكِياً ، وَ لاَ يُجيبُ دَاعِياً .
ثُمَّ أَخَذُوا في غَسْلِهِ فَنَزَعُوا عَنْهُ ثِيَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا .
ثُمَّ كَفَّنُوهُ فَلَمْ يُوَزِّرُوهُ ، ثُمّ أَلْبَسُوُهُ قَميصاً لَمْ يَكْفَؤُوا عَلَيْهِ أَسْفَلَهُ وَ لَمْ يُزِرُّوهُ .
ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلى مَخَطٍّ فِي الأَرْضِ فَأَدْخَلُوهُ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ وَ أَسْلَمُوهُ فيهِ إِلى عَمَلِهِ ،
وَ انْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ ، وَ خَلُّوهُ بِمُفْظِعَاتِ الأُمُورِ ، وَ تَحْتَ مَسْأَلَةِ مُنْكَرَ وَ نَكيرٍ ، مَعَ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَ ضيقِهِ وَ وَحْشَتِهِ . فَذَلِكَ مَثْوَاهُ حَتَّى يَبْلى جَسَدُهُ ، وَ يَصيرَ رُفَاتاً رَميماً.
حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ، وَ الأَمْرُ مَقَاديرَهُ ، وَ أُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ ، وَ جَاءَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا يُريدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ ، أَمَادَ السَّمَاءَ فَفَتَقَهَا ، وَ فَطَرَهَا ، وَ أَفْزَعَ مَنْ فيهَا ، وَ بَقِيَ مَلاَئِكَتُهَا قَائِمَةً عَلى أَرْجَائِهَا .
ثُمَّ وَصَلَ الأَمْرُ إِلَى الأَرَضينَ ، وَ الْخَلْقُ رُفَاتٌ لاَ يَشْعُرُونَ ، وَ أَرَجَّ الأَرْضَ وَ أَرْجَفَهَا بِهِمْ ،
وَ زَلْزَلَهَا عَلَيْهِمْ ، وَ قَلَعَ جِبَالَهَا مِنْ أُصُولِهَا وَ نَسَفَهَا وَ سَيَّرَهَا ، وَ دَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ ، وَ مَخُوفِ سَطْوَتِهِ ، ثُمَّ كَانَتْ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ، قَدْ دُكَّتْ هِيَ وَ أَرْضُهَا دَكَّةً وَاحِدَةً.
وَ أَخْرَجَ مَنْ فيهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهِمْ ، وَ جَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفْريقِهِمْ.
ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُريدُ مِنْ تَوْقيفِهِمْ ، وَ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الأَعْمَالِ ، وَ خَبَايَا الأَفْعَالِ .
فَمَنْ أَحْسَنَ مِنْهُمْ يُجْزيهِ بِأَعْمَالِهِ وَ إِحْسَانِهِ ، وَ مَنْ أَسَاءَ مِنْهُمْ يُجْزيهِ بِإِسَاءَتِهِ .
ثُمَّ مَيَّزَهُمْ وَ جَعَلَهُمْ فَريقَيْنِ :
أَنْعَمَ عَلى هؤُلاَءِ وَ انْتَقَمَ مِنْ هؤُلاَءِ
فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ ، وَ خَلَّدَهُمْ في دَارٍهِ ، فَعَيْشٌ رَغَدٌ ، وَ مُجَاوَرَةُ رَبٍّ كَريمٍ ،
وَ مُرَافَقَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، حَيْثُ لاَ يَظْعَنُ النُزَّالُ ، وَ لاَ تَتَغَيَّرُ بِهِمُ الْحَالُ ، وَ لاَ تَنُوبُهُمُ الأَفْزَاعُ ، وَ لاَ تَنَالُهُمُ الأَسْقَامُ ، وَ لاَ تَعْرِضُ لَهُمُ الأَخْطَارُ ، وَ لاَ تُشْخِصُهُمُ الأَسْفَارُ .
وَ أَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ ، وَ خَلَّدَهُمْ فِي النَّارِ ، وَ غَلَّ الأَيْديَ إِلَى الأَعْنَاقِ ، وَ قَرَنَ النَّوَاصِيَ بِالأَقْدَامِ ، وَ أَلْبَسَهُمْ سَرَابيلَ الْقَطِرَانِ ، وَ مُقَطَّعَاتِ النّيرَانِ . في عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ ، وَ بَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلى أَهْلِهِ ، في نَارٍ لَهَا كَلَبٌ وَ لَجَبٌ ، وَ لَهَبٌ سَاطِعٌ ، وَ قَصيفٌ هَائِلٌ ، لاَ يَظْعَنُ مُقيمُهَا ، وَ لاَ يُفَادى أَسيرُهَا ، وَ لاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا .
لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنى ، وَ لاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضى .
فَهَلْ سَمِعْتُمْ بِمِثْلِ هذَا الثَّوَابِ وَ العِقَابِ ؟ .
مَا لِلنَّاسِ مِنْ هَوْلٍ نَامَ طَالِبُهُ ، وَ أَدْرَكَهُ هَارِبُهُ ، أَوْ تَشَاغَلَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ .
تَشَاغَلَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ ، وَ تَشَاغَلَ أَهْلُ الآخِرَةِ بِأُخْرَاهُمْ .
فَأَمَّا أَهْلُ الدُّنْيَا فَأَتْعَبُوا أَبْدَانَهُمْ ، وَ دَنَّسُوا أَعْرَاضَهُمْ ، وَ خَرَجُوا عَنْ دِيَارِهِمْ في طَاعَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلَهِمْ ، تَعَبَّدُوا لَهُ ، وَ طَلَبُوا مَا في يَدِهِ ، وَ أَذْعَنُوا لَهُ ، وَ وَطِئُوا عَقِبَهُ ، فَصَارَ أَحَدُهُمْ يَرْجُو عَبْداً مِثْلَهُ ، لاَ يَرْجُو اللَّهَ وَحْدَهُ .
يَدَّعي ، بِزَعْمِهِ ، أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ .
كَذَبَ وَ الْعَظيمِ .
مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ في عَمَلِهِ ؟ .
فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ في عَمَلِهِ ، وَ كُلُّ رَجَاءٍ إِلاَّ رَجَاءَ اللَّهِ تَعَالى فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ ، وَ كُلُّ خَوْفٍ
مُحَقَّقٌ إِلاَّ خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ .
يَرْجُو اللَّهَ فِي الْكَبيرِ ، وَ يَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغيرِ ، وَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا لاَ يُعْطِي الرَّبَّ ، وَ يَخَافُ الْعَبيدَ فِي الرَّبِّ ، وَ لاَ يَخَافُ فِي الْعَبيدِ الرَّبَّ.
فَمَا بَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِعِبَادِهِ ؟ أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ في رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً ، أَوْ تَكُونَ لاَ تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً ؟ .
وَ كَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبيدِهِ ، أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لاَ يُعْطي رَبَّهُ ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً ، وَ خَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِمْ ضِمَاراً وَ وَعْداً .
وَ كَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا في عَيْنِهِ ، وَ كَبُرَ مَوْقِعُهَا في قَلْبِهِ ، آثَرَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالى ، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا وَ صَارَ عَبْداً لَهَا .
وَ أَمَّا صَاحِبُ الطَّاعَةِ فَاتَّبَعَ أَثَرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ سَلَكَ مَنَاهِجَهُ.
وَ لَقَدْ كَانَ في رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَافٍ لَكَ فِي الأُسْوَةِ [ الْ ] حَسَنَةِ ، وَ دَليلٌ لَكَ عَلى ذَمِّ الدُّنْيَا وَ عَيْبِهَا ، وَ كَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَ مَسَاويهَا ، إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا ، وَ وُطِئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا ، وَ فُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا ، وَ زُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا .
وَ [ قَدْ ] عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ زَوَاهَا عَنْهُ اخْتِيَاراً ، وَ بَسَطَهَا لِغَيْرِهِ احْتِقَاراً] .
وَ إِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسى كَليمِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إِذْ يَقُولُ : رَبِّ إِنّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقيرٌ.
وَ اللَّهِ ، مَا سَأَلَهُ إِلاَّ خُبْزاً يَأْكُلُهُ ، لِأَنَّهُ كَانَ يَأكُلُ بَقْلَةَ الأَرْضِ .
وَ لَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرى مِنْ شَفيفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ ، لِهُزَالِهِ وَ تَشَذُّبِ لَحْمِهِ .
وَ إِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ صَاحِبِ الْمَزَاميرِ ، وَ قَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِهِ ، وَ يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ : أَيُّكُمْ يَكْفيني بَيْعَهَا ، وَ يَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعيرِ مِنْ ثَمَنِهَا .
وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتُ في عيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمِ ، فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ ، وَ يَلْبَسُ الْخَشِنَ ، وَ يَأْكُلُ الْجَشِبَ .
وَ كَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ ، وَ سِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ ، وَ ظِلاَلُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الأرْضِ وَ مَغَارِبَهَا ،
وَ فَاكِهَتُهُ وَ رَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ .
وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ ، وَ لاَ وَلَدٌ يَحْزُنُهُ ، وَ لاَ مَالٌ يَلْفِتُهُ ، وَ لاَ طَمَعٌ يُذِلُّهُ ، دَابَّتُهُ رِجْلاَهُ ،
وَ خَادِمُهُ يَدَاهُ .
فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الأَطْيَبِ الأَطْهَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ وَ ] اسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ ، حينَ حَقَّرَ الدُّنْيَا وَ صَغَّرَهَا ، وَ أَهْوَنَ بِهَا وَ هَوَّنَهَا ، فَإِنَّ فيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى ، وَ عَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى .
وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى] الْمُتَأَسّي بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ الْمُقْتَصُّ لأَثَرِهِ ،
قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً ، وَ لَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً ، أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً ، وَ أَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً .
عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِمَفَاتيحِهَا وَ خَزَائِنِهَا ، لاَ يَنْقُصُهُ ذَلِكَ مِنْ حَظِّهِ مِنَ الآخِرَةِ ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَهَا ، وَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ ، وَ حَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ ، وَ صَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ .
وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فينَا إِلاَّ حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ ، وَ تَعْظيمُنَا مَا صَغَّرَ اللَّهُ ، لَكَفى بِهِ شِقَاقاً للَّهِ ،
وَ مُحَادَّةً عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالى .
فَلَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ ، وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ،
وَ يَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ ، وَ يَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ ، وَ يَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ وَ يُرْدِفُ خَلْفَهُ .
وَ يَكُونُ السِّتْرَ عَلى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فيهِ التَّصَاويرُ ، فَيَقُولُ : يَا فُلاَنَةُ ، لإِحْدى أَزْوَاجِهِ ،
غَيِّبيهِ عَنّي ، فَإِنّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَ زَخَارِفَهَا.
فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ ، وَ أَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ ، وَ أَحَبَّ أَنْ تَغيبَ زينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ ، لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً ، وَ لاَ يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً ، أَوْ يَرْجُوَ فيهَا مُقَاماً ، فَأخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ ، وَ أَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ ، وَ غَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ .
وَ كَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ ، وَ أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ .
وَ لَقَدْ كَانَ في رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَا يَدُلُّكَ عَلى مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وَ عُيُوبِهَا ،
إِذْ جَاعَ فيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ ، وَ زُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظيمِ زُلْفَتِهِ .
فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ ، أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالى مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ ؟ .
فَإِنْ قَالَ : أَهَانَهُ ، فَقَدْ كَذَبَ وَ اللَّهِ الْعَظيمِ ، وَ أَتى بِالإِفْكِ الْعَظيمِ .
وَ إِنْ قَالَ : أَكْرَمَهُ ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ ، وَ زَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ وَ أَعَزِّهِمْ عَلَيْهِ.
فَتَاَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ ، وَ اقْتَصَّ أَثَرَهُ ، وَ وَلَجَ مَوْلِجَهُ ، وَ إِلاَّ فَلاَ يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ.
فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلَماً لِلسَّاعَةِ ، وَ مُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ ، وَ مُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ .
] بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً ، وَ نَصَحَ لأُمَّتِهِ مُنْذِراً ، وَ دَعَا إِلَى الْجَنَّةِ مُبَشِّراً ، وَ خَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً .
خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَميصاً ، وَ وَرَدَ الآخِرَةَ سَليماً .
لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلى حَجَرٍ ، وَ لاَ لَبِنَةَ عَلى لَبِنَةٍ ، حَتَّى مَضى لِسَبيلِهِ ، وَ أَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ .
فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللَّهِ عِنْدَنَا حينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفَاً نَتَّبِعُهُ ، وَ قَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ .
وَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، أَرْسَلَهُ رَحْمَةً وَ حُجَّةً ، فَجَلَّتْ وَ وَصَلَتْ إِلَيْنَا نِعَمُهُ بِنِعْمَةٍ أَسْبَغَهَا عَلَيْنَا ، فَبَلَّغَ رِسَالاَتِ رَبِّهِ ، وَ نَاصَحَ لأُمَّتِهِ مُنْذِراً وَ دَاعِياً .
فَمَا أَعْظَمَ النِّعْمَةَ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .
فَبِهِ هَدَانَا اللَّهُ مِنَ الضَّلاَلَةِ ، وَ اسْتَنْقَذَنَا بِهِ مِنْ جَمَرَاتِ النَّارِ ، وَ بَصَّرَنَا بِهِ مِنَ الْعَمى ، وَ عَلَّمَنَا بِهِ بَعْدَ الْجَهَالَةِ ، وَ أَعَزَّنَا بِهِ فِي خَلَّتِنَا ، وَ كَثَّرَنَا بِهِ في قِلَّتِنَا ، وَ رَفَعَ بِهِ خَسيسَنَا ، وَ نَحْنُ بَعْدُ نَرْجُو شَفَاعَتَهُ .
وَ اللَّهُ أَوْجَبَ حَقَّهُ عَلَيْنَا فَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .
فلمّا فرغ عليه السلام من الصلاة قام إليه رجل فقال :
يا أمير المؤمنين قد عظّمت اللّه فلم تأل في تعظيمه ، و حمدته فلم تأل في تحميده ، و حثثت الأمة و زهّدت و رغّبت .
فقال عليه السلام : .
نَحْنُ ، أَهْلُ الْبَيْتِ ، شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ ، وَ مَحَطُّ الرِّسَالَةِ ، وَ مُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ ، وَ مَعَادِنُ الْعِلْمِ ،
وَ مَوَاطِنُ الْحِلْمِ ، وَ مَصَابيحُ الظُّلَمِ ، وَ يَنَابيعُ الْحِكَمِ .
نَحْنُ أَصْحَابُ رَايَاتِ بَدْرٍ ، لاَ يَنْصُرُنَا إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، وَ لاَ يَخْذُلُنَا إِلاَّ مُنَافِقٌ .
مَنْ نَصَرَنَا نَصَرَهُ اللَّهُ ، وَ مَنْ خَذَلَنَا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ .
وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ أَقْوَاماً بَايَعُوني وَ في قُلُوبِهِمُ الْغَدْرُ .
أَلاَ وَ إِنّي لَسْتُ أُقَاتِلُ إِلاَّ مَارِقاً يَمْرُقُ مِنْ دينِهِ ، وَ نَاكِثاً بِبَيْعَتِهِ يُريدُ الْمُلْكَ لِنَفْسِهِ ، يَبيعُ دينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَليلٍ ، وَ إِنَّمَا يُقَاتِلُ مَعَنَا مَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَ سَعى لَهَا سَعْيَهَا .
أَلاَ إِنَّ نَاصِرَنَا وَ مُحِبَّنَا يَنْتَظِرُ في كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ ، وَ إِنَّ خَاذِلَنَا وَ مُبْغِضَنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ [ مِنَ اللَّهِ كُلَّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ .
فَلْيُبَشَّرْ وَلِيُّنَا بِالأَرْبَاحِ الْوَافِرَةِ ، وَ الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ ، وَ لْيَنْتَظِرْ عَدُوُّنَا النَّقْمَةَ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ
[/
size] .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين
» حكم مولانا أمير المؤمنين
» المختار من حكم أمير المؤمنين {ع}
» معجزة من معجزات مولانا أمير المؤمنين
» من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع العقيدة العلوية النصيرية :: المنتديات الإسلاميــــة الدينيــة :: منتدى حكم ومواعظ الأئمة-
انتقل الى: