موقع العقيدة العلوية النصيرية
من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  829894
ادارة المنتدي من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  829894
ادارة المنتدي من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  103798
موقع العقيدة العلوية النصيرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


من وإلى كل العلويين ...علماؤنا وأعلامنا الأفاضل...تعريفٌ بطائفتنا العلوية الكريمة...وردٌّ عل المرتدين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 25, 2011 4:57 am

بسم الله الرحمن
الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين والبراءة من أعدائهم والمنافقين وأجمعين
من وصية لمولانا علي أمير المؤمنين لأبنه محمد بن الحنفية

يا بني,لا تقل ما لم تعلم,بل لا تقل كل ما تعلم,فان الله قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة,ويسألك عنها,فاتق الله يا بني,و استعملها بطاعته ورضوانه ، و إياك أن يراك اله – تعالى ذكره – عند معصيته ، أو يفقدك عند طاعته ، فتكون من الخاسرين ، وعليك بقراءة القرآن ، و العمل بما فيه ، ولزوم فرائضه وشرائعه ، وحلاله وحرامه ، و أمره ونهيه ، و التهجد به وتلاوته ، في ليلك ونهارك ، فإنه عهد من الله تبارك تعالى إلى خلقه ، وعلى كل مسلم أن ينظر كلَّ يوم في عهدِه
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 25, 2011 7:15 pm

من وصية لمولانا امير المؤمنين يوصي فيها إبنه الإمام الحسن عليه صلوات ربي وسلامه

أُوصيك أَي بني بتقوى الله،وإِقَامِ الصلاة لوقتها،وإيتاء الزكاة عند محلها،وحسن الوضوء،فانه لا صلاة إِلا بطهور،ولا تقبل صلاة من مانع الزكاة،وأُوصيك بغفر الذنب،وكظم الغيظ،وصلة الرحم،والحلم عند الجهل،والتفقه في الدين،والتثبت في الأمر،والتعهد للقرآن،وحسن الجوار،والامر بالمعروف والنهي عن المنكر،واجتناب الفواحش.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 26, 2011 10:13 pm

من وصية لمولانا علي امير المؤمنين لابنه الحسين صلوات الله عليه وسلامه

يا بني ، أوصيك بتقوى الله في الغنى و الفقر ، وكلمة الحق في الرضا و الغضب، و العدل على الصديق و العدو ، و العمل في النشاط و الكسل ، و الرضا من الله في الشدة و الرخاء .

أي بني ، الفكرة تورث نورا ، و الغفلة تورث ظلمة ، و الجدال ضلالة وليس مع قطيعة الرحم نماء ، ولا مع الفجور غنى .

يا بني ، العافية عشرة أجزاء : تسعة منها الصمت إلا بذكر الله ، وواحد في ترك مجالسة السفهاء .

أي بني ، رأس العلم الرفق ، و آفته الخُرْق ، ومن كنوز الإيمان الصبر على المصائب ، و الطمأنينة قبل الخبرة ، ضد الحزم ، وكثرة الزيارة توجب الملالة ، وكم نظرة جلبتْ حسرة ، وكم من كلمة سلبت نعمة ، ومن تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب ، و التدبر قبل العمل يؤمنك الندم ، و الصبر جُنَّةٌ من الفاقة ، و الحرص علامة الفقر ، و البخل جلباب المسكنة .

أي بني ، من تحرى الصدق خفت عليه المؤن ، وفي خلاف النفس رشدها ، و الساعات تنقص الأعمار ، ولا تنال نعمة إلا بفراق أخرى ، فطوبى لمن اخلص لله علمه وعمله ، وحبه وبغضه ، و اخذه وتركه ، وكلامه وصمته ، وفعله وقوله ، وبخٍ بخٍ لعالم عمل فجد ، وخاف البيات فاعد و استعد ، إن سئل نصح ، وإن ترك صمت، كلامه صواب ، وسكونه من غير عي جواب ، و الويل كل الويل لمن بلي بحرمان وخذلان فاستحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، و أزرى على الناس بمثل ما يأتي .

و اعلم يا بني أن من لانت كلمته وجبت محبته ، وفقك الله لرشده ، وجعلك من أهل طاعته انه جواد كريم
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 27, 2011 9:08 pm

من وصية لمولانا علي أمير المؤمنين لأبنه محمد بن الحنفية عليه سلام الله

[ .

جالس أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشر ومن يصدك عن ذكر الله تبن منهم ، ومن خير حظ المر قرين صالح ، وأذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب ، واضمم آراء الرجال ، و اختر أقربها إلى الصواب و أبعدها عن الارتياب ، والجأ في أمورك كلها إلى الله فإنك تلجئها إلى كهف حصين وحرز حريز ومانع عزيز ، وأخْلص المسألة لربك فإن بيده الخير و الشر و الإعطاء و المنع و الصلة و الحرمان ، فكم من طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير ، وكل مقرون به الفناء ، و اليوم لك و أنت من بلوغ غد على غير يقين ، و لرب مستقبل يوم ليس بمستدبره ، ومغبوط في أول ليل قام في آخره بواكيه ، فلا يغرنك من الله طول النعم و إبطاء موارد النقم ، فانه لو خشي الفوت لعاجل بالعقوبة قبل الموت .

يا بني ، اقبل من الحكماء ومواعظهم ، وتدبر حكمهم ، وكن آخَذَ الناس بما تؤمر به ، وأكَفَّ الناس عما تنهى عنه ، و أمر بالمعروف تكن من أهله ، وتفقه في الدين فإن الفقهاء ورثة الأنبياء ، وهم الدعاة إلى الجنان ، و الأدلاء على الرحمن .

يا بني ، احسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن إليك ، و ارض لهم ما ترضاه لنفسك ، و استقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ، وحسّن خلقك مع الناس حتى إذا غبت حنوا إليك و إذا مت بكوا عليك ، و اعلم أن رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس ، ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لا بد له من معاشرته ، حتى يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلا .

ومنها

مَنْ مَنَّ بمعروفه أفسده ، ومن أساء خلقه عذّب نفسه ، وليس من العدل القضاء بالظن على الثقة ، وما اقبح الأشر عند البطر ، و الكآبة عند النائبة ، و القسوة على الجار ، و الخلاف على الصاحب ، و الغدر من السلطان .يا بني ، اعرف الحق لمن عرفه لك شريفاً كان أو وضيعاً ، فمن ترك القصد جار، ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ، وقد يكون اليأس إدراكاً ، و الطمع هلاكاً ، و الفساد يبير الكثير ، و الاقتصاد ينمي اليسير ، وإن من الكرم الوفاء بالذمم ، ومن كَرُمَ زاد ، ومن تفهم ازداد ، وامْحَضْ أخاك النصح ، وساعده في كل حال ما لم يحملك على معصية الله ، ولا تصرم أخاك على ارتياب ، ولا تقاطعه دون استعتاب ، فلعل له عذراً و أنت تلوم ، و اقبل من متنصل عذره ، و أكرم الذين بهم نصرك ، و ازدد لهم على طول الصحة برا و إكراما ، وليس جزاء من عظَّمَ شأنك أن تضع من قدره ، ولا جزاء من سرك أن تسوءه ، و اكثر البر ما استطعت لجليسك ، ومن كساه الحياء ثوبه اخفي عن الناس عيبه ، ومن تحرى القصد خفت عليه المؤن ، ومع كل شدة رخاء ، ولا تنال نعمة إلا بعد أذى ، ولا خير في لذة من بعدها النار .

يا بني ، لا تضيعين حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه، ولا يكوننَّ أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا على الإساءة إليك أقوى منك على الإحسان إليه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 29, 2011 4:51 pm


ومن وصية لمولانا أمير الؤمنين
كيف بك إذا صِرتَ في قوم صبيهم غاوٍ ، وشابهم فاتك ، وشيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر ، قد استحوذ عليه هواه ، وتمسك بعاجل دنياه ، لا يهابون إلا من يخافون لسانه ، ولا يكرمون إلا من يرجون نواله ، لا يسمعون دعاء ، ولا يجيبون سائلاً ، قد استولت عليهم سكرة الغفلة ،وغرّتهم الحياة الدنيا ، إن تركتهم لم يتركوك ، وإن تابعتهم اغتالوك ، ، إخوان الظاهر ، و أعداء السرائر ، يتصاحبون على غير تقوى ، واذا افترقوا ذم بعضهم بعضا ، تموت فيهم السنن ، وتحيا البدع ، فكن عند ذلك يا بني كابن اللبون لا ظهر فيركب ، ولا ضرع فيحلب ، ولا وبر فيسلب، وما طلابك لقوم إن كنت فيهم عالماً عابوك ، وإن كنت جاهلاً لم يرشدوك ، وإن طلبت العلم قالوا متكلف ، وإن تركت طلب العلم قالوا عاجز ، وإن تحققت لعبادة ربك قالوا متصنع ، وإن لزمت الصمت قالوا ألكن ، وإن نطقت قالوا مهذار ، وإن أنفقت قالوا مسرف ، وإن اقتصدت قالوا بخيل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 30, 2011 11:12 pm

مماروي عن مولانا أمير المؤمنين
وقد عَلمَ المستحفِظون من أصحاب محمد "ص" أنه قال : أني و أهلَ بيتي مطهرون، فلا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتخلفوا عنهم فتزلوا ، ولا تخالفوهم فتجهلوا ، هم أعلمُ الناسِ كباراً ، و أحلمُهم صغاراً ، فأتبعوا الحق و أهلَه حيثُ كان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 30, 2011 11:14 pm

ماروي عن مولانا أمير المؤمنين
إنما المرءُ في الدنيا غرضٌ تنتضلُ فيه المنايا ، ونهبٌ للمصائب ومع كل جُرْعَة شَرَق ، وفي كل أُكْلة غُصص ، ولا ينالُ العبد فيها نعمةً إلا بفراق أخرى ، ولا يستقبلُ يوماً من عمرهِ إلا بهدمِ آخر من أجله ، فنحن أعوانُ الحتوف ، وانفُسُنا تسوقنا إلى الفناء ، فمن أين نرجو البقاء – وهذا الليلُ و النهار لم يرفعا من شيء شرفاً إلا أسرعا الكرَّة في هدم ما بنيا ، وتفريق ما جَمَعا – فأطلبوا الخيرَ و أهله ، و اعلموا أن خيراً من الخير مُعْطِيه ، وشراً من الشر فاعِلُه
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 01, 2011 10:44 pm

من وصايا مولانا أمير المؤمنين
يا كميل ، لا تأخذ إلا عنا تكن منا ، وما من حركة إلا و أنت محتاج فيها إلى معرفة .

يا كميل ،قل الحق على كل حال ، وواصل المتيقن ، و اهجر الفاسقين ، جانب المنافقين .

يا كميل ،إن أحب ما امتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به و بأوليائه التجمل و التعفف و الاصطبار .

يا كميل ، لا باس أن تُعْلِم أخاك سرك ، ومن أخوك ؟ أخوك الذي لا يخذلك عند الشديدة ، ولا يقعد عنك عند الجريرة ، ولا يدعك حتى تسأله ، ولا يذرك حتى تُعْلِمه ، و المؤمن مرآة المؤمن ، يتأمله ويسد فاقته .

يا كميل ،قل عند كل شدة : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تُكْفَها وعند كل نعمة الحمد لله تزدد منها ، وإن أبطأتْ الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسعْ عليك ، و إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي، و أعوذ بمحمد الرضي من شر ما قَدَّر وقضى ، و أعوذ بإله الناس من شر الجِنّة و الناس أجمعين ، تُكْفَ مؤونة إبليس و الشياطينَ معه .

يا كميل ، إن ذنوبك اكثرُ من حسناتك ، وغفلتك اكثر من ذكرك ، ونعم الله عليك ، اكثر من علملك ، ولا تخلو من نعمه عليك وعافيته إياك ، فلا تخلُ من حمده وشكره وتمجيده وذكره على كل حال .

يا كميل ، ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق ، و إنما الشأن أن تكون الصلاة بقلب نقي وعمل عند الله مرضي ، و انظر فيما تصلي وعلام تصلي ، فإن لم يكن من وجهه وحله فلا قبول .

يا كميل ، القلب و اللسان يقومان بالغذاء فإن لم يكن ذلك من وجهه وحله لم يتقبل الله تسبيحاً ولا شكرا
.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 03, 2011 2:47 am

ممارواه مولانا أمير الؤمنين
الحمد لله,أحمده وأستعينه وأستهديه وأُمن به وأَتوكل عليه,وأعوذ به من الضلالة والردى,من يهد الله فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادي له,وأَشهد أَن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله,انتجبه لرسالته,واختصه لتبليغ أَمره فبلغ رسالة ربه,ونصح لامته,وأَدى الذي عليه.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله فان تقوى الله خير ما تواصى بها عباد الله,بها أُمِرْتم,وللطاعة خلقتم,فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه,فانه حذَّر بأساً شديداً,واعملوا في غير رياء ولا سمعة,فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل,ومن عمل مخلصاً له تولاه,وأَشْفِقوا من عذاب الله فانه لم يخلقكم عبثاً,ولم يترك شيئاً من أمركم سدى,قد سمى آثاركم,وعلم أَسراركم,وأحصى أعمالكم,وكتب آجالكم,فلا تغرنكم الدنيا فانها غرارة لاهلها,والمغرور من اغتر بها,وإِن الآخرة هي دار القرار,نسأل الله منازل الشهداء,ومرافقة الأنبياء ومعيشة السعداء
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 13, 2011 9:32 am

وصية مولانا علي أمير المؤمنين لولديه الحسن والحسين عليهما صلوات ربي وسلامه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ،

وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَ دينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .

صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلى إِخْوَانِهِ الْمُرْسَلينَ وَ آلِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبينَ ، وَ جَزَى اللَّهُ عَنَّا مُحَمَّداً أَفْضَلَ مَا جَزى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ .

ثُمَّ إِنَّ صَلاَتي ، وَ نُسُكي ، وَ مَحْيَايَ ، وَ مَمَاتي ، للَّهِ رَبِّ الْعَالَمينَ ، لاَ شَريكَ لَهُ ، وَ بِذَلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمينَ .

ثُمَّ إِنّي أُوصيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ طَاعَتِهِ ، وَ الرَّغْبَةِ فِي الآخِرَةِ ، وَ لاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ] .

وَ أَنْ لاَ تَبْغِيَا الدُّنْيَا الْفَانِيَةَ وَ إِنْ بَغَتْكُمَا ، وَ لاَ تَأْسَفَا عَلى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا ، فَإِنَّكُمَا رَاحِلاَنِ ] .



وَ قُولاَ بِالْحَقِّ ، وَ اعْمَلاَ لِلأَجْرِ ، وَ ارْحَمَا الْيَتيمَ ، وَ أَطْعِمَا الْمِسْكينَ ، وَ أَشْبِعَا الْجَائِعَ ، وَ أَعينَا الضَّعيفَ ، وَ أَغيثَا الْمَلْهُوفَ ] وَ كُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً ، وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْناً .

إِعْمَلاَ بِمَا في كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ لاَ تَأْخُذْكُمَا فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ .

وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَميعاً وَ لاَ تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ 4 .

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤُوا بِهِ ، [ وَ إِنَّ ] أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَم [ أَعْمَلُهُمْ بِمَا أَمَرُوا بِهِ . [ قَالَ اللَّهُ تَعَالى ] : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنينَ 1 .

اِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ إِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ ، وَ إِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَ إِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ .

يَا بَنِيَّ ، أُوصيكُمَا وَ جَميعَ مَنْ حَضَرَني مِنْ وَلَدي وَ أَهْلي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابي هذَا مِنَ





الْمُؤْمِنينَ بِتَقْوَى اللَّهِ رَبِّكُمْ ، وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ ، وَ صَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ ، فَإِنّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ وَ الصِّيَامِ .

وَ إِنَّ الْمُبيرَةَ الْحَالِقَةَ لِلدّينِ الْبُغْضَةُ لِذَوي أَرْحَامِكُمُ الْمُؤْمِنينَ وَ فَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ . وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ .

أُنْظُرُوا ، يَا بَنِيَّ ، إِلى ذَوي أَرْحَامِكُمْ فَصِلُوهُمْ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ ] .

اَللَّهَ اللَّهَ فِي الأَيْتَامِ ، فَلاَ تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ ، وَ لاَ يَضيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ ، فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ عَالَ يَتيماً حَتَّى يَسْتَغْنِيَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِذَلِكَ الْجَنَّةَ ، كَمَا أَوْجَبَ لآكِلِ مَالِ الْيَتيمِ النَّارَ [ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ في جيرَانِكُمْ ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ ، وَ مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يُوصي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ ، فَلاَ يَسْبِقُكْمْ بِالْعَمَلِ بِهِ أَحَدٌ ] غَيْرُكُمْ .





وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلاَةِ ، فَإِنَّهَا خَيْرُ الْعَمَلِ ، وَ هِيَ عَمُودُدينِكُمْ ، فَلاَ تَغْفَلُوا عَنْهَا .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الزَّكَاةِ ، فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإِسْلاَمِ ، فَمَنْ أَدَّاهَا جَازَ الْقَنْطَرَةَ ، وَ مَنْ مَنَعَهَا احْتُبِسَ دُونَهَا ، وَ هِيَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي ابْنِ السَّبيلِ ، فَلاَ يُسْتَوْحَشَنَّ مِنْ عَشيرَتِهِ بِمَكَانِكُمْ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي فُقَرَاءِ الْمُسْلِمينَ وَ الْمَسَاكينَ ، فَأَشْرِكُوهُمْ في مَعَايِشِكُمْ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الضَّيْفِ ، فَلاَ يَنْصَرِفَنَّ إِلاَّ شَاكِراً لَكُمْ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ صِيَاَمَهُ جُنَّةٌ حَصينَةٌ مِنَ النَّارِ ] .

[ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي حَجِّ بَيْتِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَهُوَ الشَّريعَةُ الَّتي بِهَا أُمِرْتُمْ ، فَ لاَ تُخَلُّوهُ ] مَا بَقيتُمْ ، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا .

إِنَّ أَدنى مَا يَرْجِعُ بِهِ مَنْ أَتَاهُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ ] .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ، فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ في سَبيلِ اللَّهِ رَجُلاَنِ : إِمَامُ هُدىً ، وَ مُطيعٌ لَهُ مُقْتَدٍ بِهُدَاهُ .





وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، فَلاَ يُظْلَمُنَّ بِحَضْرَتِكُمْ وَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّكُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى الدَّفْعِ عَنْهُمْ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الَّذينَ لَمْ يُحْدِثُوا بَعْدَهُ حَدَثاً ، وَ لَمْ يُؤْوُوا مُحْدِثاً ،

وَ لَمْ يَمْنَعُوا حَقّاً ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَوْصى بِهِمْ ، وَ لَعَنَ الْمُحْدِثَ مِنْهُمْ وَ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَ الْمُؤْوِيَ لِلْمُحْدِثِ .

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي نِسَائِكُمْ وَ فيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنْ قَالَ : أُوصيكُمْ بِالضَّعيفَيْنِ : نِسَائِكُمْ ، وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .

اَلصَّلاَةَ ، الصَّلاَةَ ، الصَّلاَةَ ، وَ لاَ تَأْخُذَنَّكُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ ، يَكْفِكُمُ اللَّهُ مَنْ أَرَادَكُمْ وَ بَغى عَلَيْكُمْ ] .

وَ عَلَيْكُمْ ، يَا بَنِيَّ ، بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ وَ التَّبَارِّ ، وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّقَاطُعَ وَ التَّفَرُّقَ .

وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ اتْقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ الْعِقَابِ ] .

وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [] كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ] .

لاَ تَتْرُكُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلِّي اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ



يُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ .

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، مُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ بِيَدِكَ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِكَ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِكَ ، وَ إِلاَّ فَلاَ تَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَكَ .


يَا بَنِيَّ ] لِيَتَأَسَّ صَغيرُكُمْ بِكَبيرِكُمْ ، وَ لِيَرْأَفْ كَبيرُكُمْ بِصَغيرِكُمْ ، وَ لاَ تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، لاَ فِي الدّينِ يَتَفَقَّهُونَ ، وَ لاَ عَنِ اللَّهِ يَعْقِلُونَ ، وَ لَمْ يُعْطَوْا فِي اللَّهِ مَحْضَ الْيَقينِ 2 ] .

كَقَيْضِ بَيْضٍ في أَدَاحٍ ، يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً ، وَ يُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً .

أَمَا ، وَ اللَّهِ ، لَقَدْ شَهِدْتُ الدَّعَوَاتِ ، وَ سَمِعْتُ الرِّسَالاَتِ ، وَ يُتِمُّ اللَّهُ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ .

وَيْحٌ لِفِرَاخِ فِرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ ، مِنْ خَليفَةٍ غَيْرِ مُسْتَخْلَفٍ ، جَبَّارٍ ، عِتْريفٍ ، مُتْرَفٍ ، يَقْتُلُ خَلَفي وَ خَلَفَ الْخَلَفِ .

يَا بَنِيَّ ] خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ ، وَ إِنْ عِشْتُمْ] حَنُّوا إِلَيْكُمْ .

وَ لاَ تُخْرِجُنَّ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ كَذْبَةً مَا بَقيتُمُ .

وَ لاَ تَتَكَلَّمُوا بِالْفُحْشِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَليقُ بِنَا وَ لاَ بِشيعَتِنَا ، وَ إِنَّ الْفَاحِشَ لاَ يَكُونُ صِدّيقاً .

وَ إِنَّ الْمُتَكَبِّرَ مَلْعُونٌ ، وَ الْمُتَوَاضِعَ عِنْدَ اللَّهِ مَرْفُوعٌ .

يَا بَنِيَّ ، إِنَّ الْقُلُوبَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَتَلاَحَظُ بِالْمَوَدَّةِ وَ تَتَنَاجى بِهَا ، وَ كَذَلِكَ هِيَ فِي الْبُغْضِ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ خَيْرٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَارْجُوهُ ، وَ إِذَا أَبْغَضْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَاحْذَرُوهُ .





وَ أُوصيكُمْ ، يَا بَني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، أَنْ يَتَبَيَّنَ فَضْلُكُمْ عَلى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ ، وَ تَصْديقُ رَجَاءِ مَنْ أَمَّلَكُمْ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَشْبَهُ بِأَنْسَابِكُمْ .

وَ أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ : لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ ، وَ عَلِّمُوهَا أَطْفَالَكُمْ ] .

يَا بَني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لاَ أَلْفِيَنَّكُمْ غَداً ] تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمينَ خَوْضاً ، تَقُولُونَ : قُتِلَ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ . قُتِلَ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ .

أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بي إِلاَّ قَاتِلي .

أُنْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ وَ لاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ .

وَ لاَ تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ .

فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : إِيَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ .

و بعد الانتهاء من وصيته دعا أمير المؤمنين عليه السلام محمداً ولده و قال له :

أَمَا سَمِعْتَ مَا أَوْصَيْتُ بِهِ أَخَوَيْكَ ؟ .

قال : بلى يا أمير المؤمنين .

فقال عليه السلام :

فَإِنّي أُوصيكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَ عَلَيْكَ بِبِرِّ أَخَوَيْكَ ، الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، الْعَظيمِ حَقُّهُمَا عَلَيْكَ وَ تَوْقيرِهِمَا ، وَ مَعْرِفَةِ فَضْلِهِمَا ، فَاتَّبِعْ أَمْرَهُمَا ، وَ لاَ تَقْطَعْ أَمْراً دُونَهُمَا .

ثم أقبل عليه السلام على الحسن و الحسين عليهما السلام و قال :

أُوصيكُمَا بِهِ خَيْراً ، فَإِنَّهُ أَخُوكُمَا وَ ابْنُ أَبيكُمَا ، وَ أَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُحِبُّهُ ، فَأَحِبَّاهُ بِحُبِّ أَبيكُمَا لَهُ ، وَ أَكْرِمَاهُ ، وَ اعْرِفَا حَقَّهُ .







حَفِظَكُمُ اللَّهُ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَ حَفِظَ فيكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ خَيْرَ مَسْتَوْدَعٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظيمَ لي وَ لَكُمْ .

بَلَّغَكُمُ اللَّهُ مَا تَأْمَلُونَ ، وَ وَقَاكُمُ اللَّهُ مَا تَحْذَرُونَ .

وَ اقْرَؤُوا عَلى أَهْلِ مَوَدَّتِي السَّلاَمَ وَ الْخَلَفِ وَ خَلَفِ الْخَلَفِ .

وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 20, 2011 12:04 am

مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين لولده الحسن عليه صلوات ربي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ ، الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ ، الْمُدْبِرِ لِلْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ ، الذَّامِّ لِلدُّنْيَا ، الظَّاعِنِ عَنْهَا غَدَاً ، السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتى .

إِلَى الْمَوْلُودِ ، الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرِكُ ، السَّالِكِ سَبيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ ، غَرَضِ الأَسْقَامِ ، وَ رَهينَةِ الأَيَّامِ ،

وَ رَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ ، وَ عَبْدِ الدُّنْيَا ، وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ ، وَ غَريمِ الْمَنَايَا ، وَ أَسيرِ الْمَوْتِ ، وَ حَليفِ الْهُمُومِ ،

وَ قَرينِ الأَحْزَانِ ، وَ نُصُبِ الآفَاتِ ، وَ صَريعِ الشَّهَوَاتِ ، وَ خَليفَةِ الأَمْوَاتِ .

أَمَّا بَعْدُ ، يَا بُنَيَّ ، فَإِنَّ فيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عَنّي ، وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَيَّ ، وَ إِقْبَالِ الآخِرَةِ إِلَيَّ ، مَا يَزَعُني عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ ، وَ الاِهْتِمَامِ بِمَا وَرَايَ.

غَيْرَ أَنّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بي دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسي ، فَصَدَّقَني رَأْيي ، وَ صَرَفَني عَنْ



هَوَايَ ، وَ صَرَّحَ لي مَحْضُ أَمْري ، فَأَفْضى بي إِلى جِدٍّ لاَ يَكُونُ فيهِ لَعِبٌ ، وَ صِدْقٍ لاَ يَشُوبُهُ كَذِبٌ .

وَ وَجَدْتُكَ ، أَيْ بُنَيَّ ، بَعْضي ، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلّي ، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَني ، وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَاني ، فَعَنَاني مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنيني مِنْ أَمْرِ نَفْسي ، فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ ، يَا بُنَيَّ ، كِتَابي هذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقيتُ لَكَ أَوْ فَنيتُ .

وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَؤُكَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَ آخِرِهِ أَنّي أَحْمُدُ إِلَيْكَ اللَّهَ إِلهي وَ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبَائِكَ الأَوَّلينَ وَ الآخِرينَ ، وَ رَبَّ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَ مَنْ فِي الأَرَضينَ ، بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَ كَمَا يُحِبُّ وَ يَنْبَغي لَهُ .

وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَ عَلى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ بِصَلاَةِ جَميعِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ ، وَ أَنْ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا لِمَا وَفَّقَنَا مِنْ مَسْأَلَتِهِ وَ الاِسْتِجَابَةِ لَنَا ، فَإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ.

[ أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنّي أُوصيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَيْ بُنَيَّ ، وَ لُزُومِ أَمْرِهِ ، وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ ، وَ الاِعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى يَقُولُ : وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَميعاً وَ لاَ تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعَدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً .

وَ أَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبِبٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالى إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ ؟ .

[ يَا بُنَيَّ ، ] أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ ، وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ ، وَ قَوِّهِ بِالْيَقينِ ، وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ ، وَ أَسْكِنْهُ بِالْخَشْيَةِ ، وَ أَشْعِرْهُ بِالصَّبْرِ ، وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ ، وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ ، وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا ، وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالي وَ الأَيَّامِ ، وَ اعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضينَ ، وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ

مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلينَ .

وَ سِرْ في دِيَارِهِمْ ، وَ اعْتَبِرْ بِ آثَارِهِمْ ، فَانْظُرْ فيمَا فَعَلُوا ، وَ عَمَّا انْتَقَلُوا ، وَ أَيْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا ،

فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُواعَنِ الأَحِبَّةِ ، وَ حَلُّوا دَارَ الْغُرْبَةِ .

وَ نَادِ في دِيَارِهِمْ : أَيَّتُهَا الدِّيَارُ الْخَالِيَةُ ، أَنَّى أَهْلُكِ ؟ .

ثُمَّ قِفْ عَلى قُبُورِهِمْ فَقُلْ : أَيَّتُهَا الأَجْسَادُ الْبَالِيَةُ ، وَ الأَعْضَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ ، كَيْفَ وَجَدْتُمُ الدِّيَارَ الَّتي أَنْتُمْ بِهَا ؟ .

أَيْ بُنَيَّ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَليلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ ، فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ ، وَ بِعْ دُنْيَاكَ بِآخِرَتِكَ ، وَ لاَ تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ .

وَدَعِ الْقَوْلَ فيمَا لاَ تَعْرِفُ ، وَ الْخِطَابَ فيمَا لَمْ تُكَلَّفْ .

وَ أَمْسِكْ عَنْ طَريقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلاَلَتَهُ ، فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلاَلِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ .

يَا بُنَيَّ ، اقْبَلْ مِنَ الْحُكَمَاءِ مَوَاعِظَهُمْ ، وَ تَدَبَّرْ أَحْكَامَهُمْ ، [ فَإِنَّ ] كُلَّ وِعَاءٍ يَضيقُ بِمَا جُعِلَ فيهِ إِلاَّ وِعَاءَ الْعِلْمِ ، فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ بِهِ .

[ وَ ] إِذَا أَرْذَلَ اللَّهُ عَبْداً حَظَرَ عَلَيْهِ الْعِلْمَ .

وَ كُنْ آخَذَ النَّاسِ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ ، وَ أَكَفَّ النَّاسِ عَمَّا تَنْهى عَنْهُ .

عَظِّمِ الْخَالِقَ عِنْدَكَ يَصْغُرِ الْمَخْلُوقُ في عَيْنِكَ .

وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ ، وَ أَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِيَدِكَ وَ لِسَانِكَ ، وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ ، فَإِنَّ اسْتِتْمَامَ الأُمُورِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالى الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ.

وَ جَاهِدْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، وَ لاَ تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ .

وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ كَانَ .

وَ تَفَقَّهْ فِي الدّينِ ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دينَاراً وَ لاَ دِرْهَماً ، وَ لكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ .

فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ للَّهِ حَسَنَةٌ ، وَ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ ، وَ الْمُذَاكَرَةَ فيهِ تَسْبيحٌ ، وَ الْعَمَلَ بِهِ جِهَادٌ ، وَ تَعْليمَهُ مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ ، وَ بَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالى .

لأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلاَلِ وَ الْحَرَامِ ، وَ مَنَارُ سُبُلِ الْجَنَّةِ ، وَ الْمُؤْنِسُ فِي الْوَحْشَةِ ، وَ الصَّاحِبُ فِي الْغُرْبَةِ وَ الْوَحْدَةِ ، وَ الْمُحَدِّثُ فِي الْخَلْوَةِ ، وَ الدَّليلُ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ ، وَ السِّلاَحُ عَلَى الأَعْدَاءِ ، وَ الزَّيْنُ عَلَى الأَخِلاَّءِ .

بِهِ يُطَاعُ الرَّبُّ وَ يُعْبَدُ ، وَ بِهِ تُوصَلُ الأَرْحَامُ ، وَ يُعْرَفُ الْحَلاَلُ مِنَ الْحَرَامِ .

يُلْهَمُ بِهِ السُّعَدَاءُ ، وَ يُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءُ .

يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً ، تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ ، وَ يُهْتَدى بِفِعَالِهِمْ ، وَ يُنْتَهى إِلى آرَائِهِمْ .

فَطُوبى لِمَنْ لَمْ يَحْرِمْهُ اللَّهُ مِنْهُ حَظَّهُ .

وَ اعْلَمْ أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ ، وَ كُلُّ رَطْبِ وَ يَابِسٍ ، حَتَّى الطَّيْرُ في جَوِّ السَّمَاءِ ، وَ الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ .

وَ إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضىً بِهِ .

وَ فيهِ شَرَفُ الدُّنْيَا وَ الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .



إِنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ ، وَ ضِيَاءُ الأَبْصَارِ مِنَ الظُّلْمَةِ ، وَ قُوَّةُ الأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ ،

يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ ، وَ مَجَالِسَ الأَبْرَارِ ، وَ الدَّرَجَاتِ الْعُلى فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ .

الذِّكْرُ فيهِ يَعْدِلُ بِالصِّيَامِ ، وَ مُدَارَسَتُهُ بِالْقِيَامِ ، لأَنَّ الْفُقَهَاءَ هُمُ الدُّعَاةُ إِلَى الْجِنَانِ ، وَ الأَدِلاَّءُ عَلَى الرَّحْمنِ

وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ ، [ فَإِنَّ ] الصَّبْرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ يَعْصِمُ الْقَلْبَ ، وَ نِعْمَ الْخُلُقُ التَّصَبُّرُ فِي الْحَقِّ ، وَ احْمِلْهَا عَلى مَا أَصَابَكَ مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَ هُمُومِهَا.

وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ في أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلى إِلهِكَ ، فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلى كَهْفٍ حَصينٍ ، وَ حِرْزٍ حَريزٍ .

وَ اعْتَصِمْ في أَحْوَالِكَ كُلِّهَا بِاللَّهِ ، فَإِنَّكَ تَعْتَصِمُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِ مَانِعٍ عَزيزٍ .

وَ أَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ ، فَإِنَّ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ الشَّرُّ ، وَ الْعَطَاءُ وَ الْمَنْعُ ، وَ الصِّلَةُ وَ الْحِرْمَانُ .

وَ أَكْثِرِ الاِسْتِخَارَةَ لَهُ.

وَ تَفَهَّمْ وَصِيَّتي ، وَ لاَ تَذْهَبَنَّ عَنْهَا صَفْحاً ، فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ .

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ خَيْرَ في عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ ، وَ لاَ يُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لاَ يَحِقُّ تَعَلُّمَهُ .

أَيْ بُنَيَّ ، إِنّي لَمَّا رَأَيْتُكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً ، وَ رَأَيْتُني أَزْدَادُ [وَهْناً ، بَادَرَتُ بِوَصِيَّتي إِلَيْكَ ،

وَ أَرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بي أَجَلي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا في نَفْسي ، أَوْ أَنْ أُنْقَصَ في رَأْيي كَمَا نُقِصْتُ في جِسْمي ، أَوْ أَنْ يَسْبِقَني إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوى وَ فِتَنِ الدُّنْيَا ، فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ .

وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فيهَا مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ قَبِلَتْهُ .

فَبَادَرْتُكَ بِالأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ ، وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ] مِنَ الأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ ، فَتَكُونَ قَدْ كُفيتَ مَؤُونَةَ الطَّلِبَةِ ، وَ عُوفيتَ مِنْ عِلاَجِ التَّجْرِبَةِ ، فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتيهِ ، وَ اسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا فيهِ .

أَيْ بُنَيَّ ، إِنّي وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلي ، فَقَدْ نَظَرْتُ في أَعْمَالِهِمْ ، وَ فَكَّرْتُ في أَخْبَارِهِمْ ، وَ سِرْتُ في آثَارِهِمْ ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ .

بَلْ كَأَنّي بِمَا انْتَهى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلى آخِرِهِمْ ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ ، وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخيلَهُ ، وَ تَوَخَّيْتُ لَكَ جَميلَهُ ، وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ .

وَ رَأَيْتُ حَيْثُ عَنَاني مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفيقَ ، وَ أَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ ، وَ مُقْتَبَلُ الدَّهْرِ ، ذُو نِيَّةٍ سَليمَةٍ ، وَ نَفْسٍ صَافِيَةٍ .

وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْليمِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْويلِهِ ، وَ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَ

ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ ، عَلى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبيهِكَ لَهُ ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلى أَمْرٍ لاَ آمَنُ عَلَيْكَ فيهِ مِنَ الْهَلَكَةِ ، وَ رَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّهُ فيهِ لِرُشْدِكَ ، وَ أَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ ، فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتي هذِهِ .

وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتي تَقْوَى اللَّهِ ، وَ الاِقْتِصَارُ عَلى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، وَ الأَخْذُ بِمَا مَضى عَلَيْهِ الأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ ، وَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ ،

فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظُرُوا لأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ ، وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ، ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى الأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا ، وَ الإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا .

فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا كَانُوا عَلِمُوا ، فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ ،

لاَ بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ ، وَ عُلَقِ الْخُصُومَاتِ .

وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ في ذلِكَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِإِلهِكَ ، وَ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ في تَوْفيقِكَ ، وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ في شُبْهَةٍ ، أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلى ضَلاَلَةٍ .

فَإِذَا أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ ، وَ تَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ ، وَ كَانَ هَمُّكَ في ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً ،

فَانْظُرْ فيمَا فَسَّرْتُ لَكَ ، وَ إِنْ أَنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ رَأْيُكَ عَلى مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ ، وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ ،

فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ ، وَ تَتَوَرَّطُ الظَّلْمَاءَ .

وَ لَيْسَ طَالِبُ الدّينِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ ، وَ الإِمْسَاكُ عَنْ ذَلِكَ أَمْثَلُ .

فَتَفَهَّمْ ، يَا بُنَيَّ ، وَصِيَّتي ، وَ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَيَاةِ ، وَ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُميتُ ،

وَ أَنَّ الْمُفْني هُوَ الْمُعيدُ ، وَ أَنَّ الْمُبْتَلي هُوَ الْمُعَافي ، وَ أَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلى مَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى عَلَيْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَ الاِبْتِلاَءِ ، وَ الْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ ، أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ نَعْلَمُ .

فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلى جَهَالَتِكَ بِهِ ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ خُلِقْتَ جَاهِلاً ثُمَّ

عَلِمْتَ .

وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الأَمْرِ ، وَ يَتَحَيَّرُ فيهِ رَأْيُكَ ، وَ يَضِلُّ فيهِ بَصَرُكَ ، ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ .

فَاعْتَصِمْ بِالَّذي خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ ، وَلْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ ، وَ إِلَيْهِ رَغْبَتُكَ ، وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، فَارْضَ بِهِ رَائِداً ، وَ إِلَى النَّجَاةِ قَائِداً .

فَإِنّي لَمْ آلُكَ نَصيحَةً ، وَ إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ فِي النَّظَرِ لِنَفْسِكَ ، وَ إِنِ اجْتَهَدْتَ ، مَبْلَغَ نَظَري لَكَ ، لِعِنَايَتي وَ طُولِ تَجْرِبَتي.

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَريكٌ لأَتَتْكَ رُسُلُهُ ، وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ ، وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ ، وَ لكِنَّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ .

لاَ يُضَادُّهُ في مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لاَ يُحَاجُّهُ ، وَ لاَ يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ .

أَوَّلٌ قَبْلَ الأَشْيَاءِ بِلاَ أَوَّلِيَّةٍ ، وَ آخِرٌ بَعْدَ الأَشْيَاءِ بِلاَ نِهَايَةٍ ، حَكيمٌ ، عَليمٌ ، قَديمٌ .

عَظُمَ عَنْ أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ .

فَإِذَا أَنْتَ عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغي لِمِثْلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ في صِغَرِ خَطَرِهِ ، وَ قِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ ،

وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ ، وَ عَظيمِ حَاجَتِهِ إِلى رَبِّهِ في طَلَبِ طَاعَتِهِ ، وَ الْخَشْيَةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ ، وَ الشَّفَقَةِ مِنْ سَخَطِهِ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَأْمُرْكَ إِلاَّ بِحَسَنٍ ، وَ لَمْ يَنْهَكَ إِلاَّ عَنْ قَبيحٍ .

يَا بُنَيَّ ، إِنّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَ حَالِهَا ، وَ زَوَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا بِأَهْلِهَا ، وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الآخِرَةِ

وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فيهَا ، وَ ضَرَبْتُ لَكَ فيهِمَا الأَمْثَالَ ، لِتَعْتَبِرَ بِهَا ، وَ تَحْذُوَ عَلَيْهَا .

إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَابِهِمْ مَنْزِلٌ جَديبٌ ، فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصيباً وَ جَنَاباً مَريعاً ، فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّريقِ ، وَ فِرَاقَ الصَّديقِ ، وَخْشُونَةَ السَّفَرِ ، وَ جُشُوبَةَ الْمَطْعَمِ ، لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ ، وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ ، فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً ، وَ لاَ يَرَوْنَ نَفَقَةً فيهِ مَغْرَماً ، وَ لاَ شَيْ‏ءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ ، وَ أَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلِّهِمْ

وَ مَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بَمَنْزِلٍ خَصيبٍ ، فَنَبَا بِهِمْ إِلى مَنْزِلٍ جَديبٍ ، فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ ، وَ لاَ أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ ، وَ لاَ أَهْوَلَ لَدَيْهِمْ ، مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فيهِ إِلى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَ يَصيرُونَ إِلَيْهِ .

ثُمَّ قَرَعْتُكَ بِأَنْوَاعِ الْجَهَالاَتِ لِئَلاَّ تَعُدَّ نَفْسَكَ عَالِماً ، فَإِنْ وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ تَعْرِفُهُ أَكْبَرْتَ ذَلِكَ .

فَإِنَّ الْعَالِمَ مَنْ عَرَفَ أَنَّ مَا يَعْلَمُ فيمَا لاَ يَعْلَمُ قَليلٌ ، فَعَدَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ جَاهِلاً ، فَازْدَادَ بِمَا عَرَفَ مِنْ ذَلِكَ في طَلَبِ الْعِلْمِ اجْتِهَاداً ، فَمَا يَزَالُ لِلْعِلْمِ طَالِباً ، وَ فيهِ رَاغِباً ، وَ لَهُ مُسْتَفيداً ، وَ لأَهْلِهِ خَاشِعاً ،

وَ لِرَأْيِهِ مُتَّهِماً ، وَ لِلصَّمْتِ لاَزِماً ، وَ لِلْخَطَأِ حَاذِراً ، وَ مِنْهُ مُسْتَحْيِياً .

وَ إِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا لاَ يَعْرِفُ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ ، لِمَا قَرَّرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنَ الْجَهَالَةِ .

وَ إِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَدَّ نَفْسَهُ لِمَا جَهِلَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لِلْعِلْمِ عَالِماً ، وَ بِرَأْيِهِ مُكْتَفِياً ، فَمَا يَزَالُ لِلْعُلَمَاءِ مُبَاعِداً ، وَ عَلَيْهِمْ زَارِياً ، وَ لِمَنْ خَالَفَهُ مُخَطِّئاً ، وَ لِمَا لَمْ يَعْرِفْ مِنَ الأُمُورِ مُضَلِّلاً .

فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الأُمُورِ مَا لاَ يَعْرِفُهُ أَنْكَرَهُ وَ كَذَّبَ بِهِ ، وَ قَالَ بِجَهَالَتِهِ : مَا أَعْرِفُ هذَا . وَ مَا أَرَاهُ كَانَ . وَ مَا أَظُنُّ أَنْ يَكُونَ . وَ أَنَّى كَانَ . وَ ذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِرَأْيِهِ ، وَ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بَجَهَالَتِهِ .

فَمَا يَنْفَكُّ بِمَا يَرى مِمَّا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ بِرَأْيِهِ مِمَّا لاَ يَعْرِفُ لِلْجَهْلِ مُسْتَفيداً ، وَ لِلْحَقِّ مُنْكِراً ،

وَ فِي الْجَهَالَةِ مُتَحَيِّراً ، وَ فِي اللَّجَاجَةِ مُتَجَرِّئاً ، وَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مُسْتَكْبِراً [.

يَا بُنَيَّ ، تَفَهَّمُ وَصِيَّتي وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ ميزَاناً فيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَ اكْرهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا ، وَ لاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ ، وَ أَحْسِنْ إِلى جَميعِ النَّاسِ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ ، وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ ، وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ .

وَ أَخْلِصْ للَّهِ عَمَلَكَ وَ عِلْمَكَ ، وَ حُبَّكَ وَ بُغْضَكَ ، وَ أَخْذَكَ وَ تَرْكَكَ ، وَ كَلاَمَكَ وَ صَمْتَكَ .

وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ ، بَلْ وَ لاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ .

[ وَ ] لاَ تَسْأَلْ عَمَّا لاَ يَكُونُ ، فَفِي الَّذي قَدْ كَانَ لَكَ شُغُلٌ .

إِذَا حُيّيتَ بِتَحِيَّةٍ فَحَيِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا ، وَ إِذَا أُسْدِيَتْ إِلَيْكَ يَدٌ فَكَافِئْهَا بِمَا يُرْبي عَلَيْهَا ،

وَ الْفَضْلُ مَعَ ذَلِكَ لِلْبَادِئِ .

وَ حَسِّنْ مَعَ جَميعِ النَّاسِ خُلْقَكَ حَتَّى إِذَا غِبْتَ عَنْهُمْ حَنُّوا إِلَيْكَ ، وَ إِذَا مِتَّ بَكَوْا عَلَيْكَ وَ قَالُوا :

إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَ لاَ تَكُنْ مِنَ الَّذينَ يُقَالُ عِنْدَ مَوْتِهِمْ : اَلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

[ فَإِنَّ ] أَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الإِخْوَانِ ، وَ أَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .

وَ اعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ الْعَقْلِ بَعْدَ الإيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُدَارَاةُ النَّاسِ ، وَ لاَ خَيْرَ فيمَنْ لاَ يُعَاشِرُ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ لاَبُدَّ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ إِلَى الْخَلاَصِ مِنْهُ سَبيلاً .

فَإِنّي وَجَدْتُ جَميعَ مَا يَتَعَايَشُ بِهِ النَّاسُ وَ بِهِ يَتَعَاشَرُونَ مِلْ‏ءَ مِكْيَالٍ ، ثُلُثَاهُ اسْتِحْسَانٌ ، وَ ثُلُثُهُ تَغَافُلٌ .

وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنَ الْكَلاَمِ ، وَ لاَ أَقْبَحَ مِنْهُ ، فَبِالْكَلاَمِ ابْيَضَّتِ الْوُجُوهُ ،

وَ بِالْكَلاَمِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ .

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلاَمَ في وَثَاقِكَ مَا لَمْ تَتَكَلَّمُ بِهِ ، فَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ في وَثَاقِهِ .

[ وَ ] إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ ، فَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَ وَرِقَكَ [، فَإِنَّ اللِّسَانَ سَبُعٌ ، فَإِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ ، وَ الْغَضَبُ شَرٌّ إِنْ أَطَعْتَهُ دَمَّرَ .

لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ ، وَ قَلْبُ الأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ .

دَعِ الْكَلاَمَ فيمَا لاَ يَعْنيكَ وَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، فَ رُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً ، وَ جَلَبَتْ نِقْمَةً ، وَ رُبَّ لَفْظَةٍ أَتَتْ عَلى مُهْجَةٍ .

مَنْ سَيَّبَ عُذَارَهُ قَادَهُ إِلى كُلِّ كَريهَةٍ وَ فَضيحَةٍ ، ثُمَّ لَمْ يَخْلُصْ مِنْ وَهْدِهِ ] إِلاَّ عَلى مَقْتٍ مِنَ اللَّهِ وَ ذَمٍّ مِنَ النَّاسِ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ الاِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ ، وَ آفَةُ الأَلْبَابِ ، [ وَ ] يَمْنَعُ مِنَ الاِزْدِيَادِ ، فَاسْعَ في كَدْحِكَ ، وَ أَنْفِقْ مِنْ خَيْرِكَ ، وَ لاَ تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ .

وَ إِذَا أَنْتَ هُديتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ .

] لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَليلِ ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ ، وَ لاَ تَسْتَكْثِرَنَّ الْكَثيرَ مِنْ نَوَالِكَ فَإِنَّكَ أَكْثَرُ مِنْهُ

يَا بُنَيَّ ، هَوِّنْ عَلَيْكَ ، فَإِنَّ الأَمْرُ قَريبٌ ، وَ الْمُقَامَ يَسيرٌ ، وَ الرَّحيلُ وَ شيكٌ ،

وَ الاِصْطِحَابُ قَليلٌ .

أَيْ بُنَيَّ لاَ تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّكَ تُخَلِّفُهُ لأَحَدِ رَجُلَيْنِ :

إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَسَعِدَ بِمَا شَقيتَ بِهِ .

وَ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ ، فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلى مَعْصِيَتِهِ .

وَ لَيْسَ أَحَدُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ حَقيقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلى نَفْسِكَ ، وَ تَحْمِلَهُ عَلى ظَهْرِكَ .

يَا بُنَيَّ إِنَّ أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسْرَةُ رَجُلٍ كَسَبَ مَالاً في غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ ،

فَوَرَّثَهُ رَجُلاً فَأَنْفَقَهُ في طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَدَخَلَ بِهِ الْجَنَّةَ ، وَ دَخَلَ الأَوَّلُ بِهِ النَّارَ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ أَمَامَكَ طَريقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعيدَةٍ ، وَ مَشَقَّةٍ شَديدَةٍ ، وَ إِنَّهُ لاَ غِنى بِكَ فيهِ عَنْ حُسْنِ الاِرْتِيَادِ ، وَ قَدْرِ بَلاَغِكَ مِنَ الزَّادِ ، مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ ، فَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ ،

فَيَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَ بَالاً عَلَيْكَ في حَشْرِكَ وَ نَشْرِكَ ، فَ بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ .

وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَيُوافيكَ بِهِ غَداً في مَعَادِكَ حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ ، فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ .

وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْويدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ ، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ .

وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ في حَالِ غِنَاكَ ، لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ في يَوْمِ عُسْرَتِكَ .

وَ إِيَّاكَ أَنْ تَثِقَ لِتَحْميلِ زَادِكَ بِمَنْ لاَ وَرَعَ لَهُ وَ لاَ أَمَانَةَ ، فَيَكُونُ مَثَلُكَ مَثَلَ ظَمْآنٍ رَأْى سَرَاباً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً 1 ، فَتَبْقى فِي الْقِيَامَةِ مُنْقَطَعاً بِكَ.

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَؤُوداً ، الْمُخِفُّ فيهَا أَحْسَنُ حَالاً مِنَ الْمُثْقِلِ ، وَ الْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ أَمْراً مِنَ الْمُسْرِعِ ، وَ أَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ ، لاَ مَحَالَةَ إِمَّا عَلى جَنَّةٍ أَوْ عَلى نَارٍ .

فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ ، وَ وَطِّئِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ ، وَ لاَ إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ .

وَ اعْلَمْ أَنَّ الَّذي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ ، [ وَ ] مَلَكُوتُ الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ ، قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ ، وَ تَكَفَّلَ لَكَ بِالإِجَابَةِ ، وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ ، وَ تَطْلُبَ إِلَيْهِ لِيُرْضِيَكَ ، وَ تَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ ، وَ هُوَ رَحيمٌ كَريمٌ

وَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ ، وَ لَمْ يُلْجِئْكَ إِلى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ ، وَ لَمْ يَمْنَعْكَ



إِنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ ، وَ لَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ ، وَ لَمْ يُعَيِّرْكَ بِالاِنَابَةِ ، وَ لَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ الْفَضيحَةُ بِكَ أَوْلى ، وَ لَمْ يُشَدِّدْ عَلَيْكَ في قَبُولِ الإِنَابَةِ ، وَ لَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَريمَةِ ، وَ لَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ .

بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنَةً ، وَ تَوْبَتَكَ التَّوَرُّعَ مِنَ الذَّنْبِ ، وَ حَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً ،

وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً ، وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ ، فَإِذَا نَادَيْتَهُ ، سَمِعَ نِدَاكَ ، وَ إِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ .

فَأَفْضَيْتَ إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ ، وَ أَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ ، وَ شَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ ، وَ اسْتَكْشَفْتَهُ كُرُوبَكَ ،

وَ اسْتَعَنْتَهُ عَلى أُمُورِكَ ، وَ نَاجَيْتَهُ بِمَا تَسْتَخْفي بِهِ مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سِرِّكَ ، وَ سَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلى إِعْطَائِهِ غَيْرُهُ ، مِنْ زِيَادَةِ الأَعْمَارِ ، وَ صِحَّةِ الأَبْدَانِ ، وَ سَعَةِ الأَرْزَاقِ .

ثُمَّ جَعَلَ في يَدَيْكَ مَفَاتيحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فيهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ ، فَمَتى شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ نِعْمَتِهُ ، وَ اسْتَمْطَرْتَ شَآبيبَ رَحْمَتِهِ ، فَأَلْحِحْ بِالْمَسْأَلَةِ ، وَ لاَ يُقْنِطَنَّكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ ، فَإِنَّ الْعَطِيَّةَ عَلى قَدْرِ الْمَسْأَلَةِ

وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الإِجَابَةُ ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لأَجْرِ السَّائِلِ ، وَ أَجْزَلَ لِعَطَاءِ الآمِلِ.

وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّيْ‏ءَ فَلاَ تُؤْتَاهُ وَ أُوتيتَ خَيْراً مِنْهُ عَاجِلاً أَوْ آجِلاً ، أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ ، فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فيهِ هَلاَكُ دينِكَ لَوْ أُوتيتَهُ .

فَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالى فيمَا يَعْنيكَ مِمَّا يَبْقى لَكَ جَمَالُهُ ، وَ يُنْفى عَنْكَ وَ بَالُهُ ،

فَالْمَالُ لاَ يَبْقى لَكَ وَ لاَ تَبْقى لَهُ .

إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلاَةِ عَلى رَسُولِهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى أَكْرَمُ مِنَ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا وَ يَمْنَعَ الأُخْرى .

[ وَ ] مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيَفْتَحَ عَلى عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّيَادَةِ .

وَ لاَ لِيَفْتَحَ عَلى عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الإِجَابَةِ . وَ لاَ لِيَفْتَحَ عَلى عَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْمَغْفِرَةِ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلآخِرَةِ لاَ لِلدُّنْيَا ، وَ لِلْفَنَاءِ لاَ لِلْبَقَاءِ ، وَ لِلْمَوْتِ لاَ لِلْحَيَاةِ ،

وَ أَنَّكَ في مَنْزِلِ قُلْعَةٍ ، وَ دَارِ بُلْغَةٍ ، وَ طَريقٍ إِلَى الآخِرَةِ ، وَ أَنَّكَ طَريدُ الْمَوْتِ الَّذي لاَ يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ ،

وَ لاَ يَفُوتُهُ طَالِبُهُ ، وَ لاَ بُدَّ أَنَّهُ يَوْماً مُدْرِكُهُ . فَكُنْ مِنْهُ عَلى حَذَرٍ أَنْ يُدْرِكَكَ وَ أَنْتَ عَلى حَالٍ سَيِّئَةٍ ،

قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ فيهَا بِالتَّوْبَةِ ، فَيَحُولُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ .

فَتَفَقَّدْ دينَكَ لِنَفْسِكَ ، فَدينُكَ لَحْمُكَ وَ دَمُكَ ، وَ لاَ يُنْقِذُكَ غَيْرُهُ .

يَا بُنَيَّ ، أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ ، وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ ، وَ تُفْضي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِ ، وَ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ حَيْثُ تَرَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ ، وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ ، وَ لاَ يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ ، وَ لاَ يَأْخُذَكَ عَلى غِرَّتِكَ .

وَ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الآخِرَةِ وَ كَثْرَةِ نَعيمِهَا وَ حُبُورِهَا وَ سُرُورِهَا وَ دَوَامِهَا ، وَ كَثْرَةَ صُنُوفِ لَذَّاتِهَا ، وَ قِلَّةِ آفَاتِهَا ، إِذَا سَلَّمْتَ ، وَ فَكِّرْ في أَلْوَانِ عَذَابِهَا ، وَ شِدَّةِ غُمُومِهَا ، وَ أَصْنَافِ نَكَالِهَا ، إِذَا تَيَقَّنْتَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُزَهِّدُكَ فِي الدُّنْيَا وَ يُصَغِّرُهَا عِنْدَكَ ، وَ يُرَغِّبُكَ فِي الآخِرَةِ.

وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرى مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا ، وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا ، فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ عَنْهَا ، وَ نَعَتْ هِيَ لَكَ نَفْسَهَا ، وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاويهَا .



فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ ، وَ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ ، يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلى بَعْضِهَا ، وَ يَأْكُلُ عَزيزُهَا ذَليلَهَا ، وَ يَقْهَرُ كَبيرُهَا صَغيرَهَا ، وَ كَثيرُهَا قَليلَهَا .

نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ ، وَ أُخْرى مُهْمَلَةٌ ، قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَهَا عُقُولَهَا ، وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا ، سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ ، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقيمُهَا ، وَ لاَ مُسيمٌ يُسيمُهَا .

سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا طَريقَ الْعَمى ، وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ وَ [مَنَارِ الْهُدى ،

فَتَاهُوا في حَيْرَتِهَا ، وَ غَرِقُوا في نِعْمَتِهَا ، وَ اتَّخَذُوهَا رَبّاً ، فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا ، وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا .

رُوَيْداً حَتَّى يُسْفِرَ الظَّلاَمُ ، كَأَنْ ، وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ ، قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ ، يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ مَثَلَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا ، وَ السُّمُّ النَّاقِعُ في جَوْفِهَا ، يَهْوي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ ، وَ يَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلِ .

[ وَ ] أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ يُسَارُ بِهِمْ وَ هُمْ نِيَامٌ .

وَ اعْلَمْ ، يَا بُنَيَّ ، أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ ، فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ وَاقِفاً ، وَ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقيماً وَادِعاً .

وَ إِذَا كُنْتَ في إِدْبَارٍ ، وَ الْمَوْتُ في إِقْبَالٍ ، فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقى .

أَيْ بُنَيَّ ، أَبَى اللَّهُ تَعَالى إِلاَّ خَرَابَ الدُّنْيَا وَ عِمَارَةَ الآخِرَةِ . ، فَإِنْ تَزْهَدْ فيمَا زَهَّدَكَ اللَّهُ فيهِ ،

وَ تَعْزِفْ نَفْسَكَ عَنْهَا ، فَهِيَ أَهْلُ ذَلِكَ .

وَ إِنْ كُنْتَ غَيْرَ قَابِلٍ نُصْحي إِيَّاكَ فيهَا فَ اعْلَمْ يَقيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ ، وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ ، وَ أَنَّكَ في سَبيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ ، فَخَفِّضْ فِي الطَّلَبِ ، وَ أَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ ، فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلى حَرَبٍ .

فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ ، وَ لاَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ .

وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ ، فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ دينِكَ وَ عِرْضِكَ وَ نَفْسِكَ عِوَضاً وَ إِنْ جَلَّ ، وَ ابْذُلْ فِي الْمَكَارِمِ جُهْدَكَ تَخْلُصْ مِنَ الْمَآثِرِ وَ تُحْرِزِ الْمَكَارِمَ .

وَ لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حُرّاً .

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ غِنى يَعْدِلُ الْجَنَّةَ ، وَ لاَ فَقْرَ يَعْدِلُ النَّارَ.

وَ مَا خَيْرُ خَيْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِشَرٍّ ، وَ يُسْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِعُسْرٍ .

وَ إِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ ، فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ .

وَ إِنِ اسْتَطْعْتَ أَنْ لاَ يَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالى ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ ، فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قِسْمَكَ ،

وَ آخِذٌ سَهْمَكَ .

وَ إِنَّ اليَسيرَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى أَعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ الْكَثيرِ مِنْ خَلْقِهِ ، وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ .

فَإِنْ نَظَرْتَ ، وَ للَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلى ، فيمَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ وَ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ السَّفَلَةِ ، لَعَرَفْتَ أَنَّ لَكَ في يَسيرِ مَا تَطْلُبُ مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخَاراً ، وَ أَنَّ عَلَيْكَ في كَثيرِ مَا تُصيبُ مِنَ الدُّنَاةِ عَاراً .

فَاقْتَصِدْ في أَمْرِكَ تَحْمَدْ مَغَبَّةَ عِلْمِكَ أَنَّكَ لَسْتَ بَائِعاً شَيْئاً مِنْ دينِكَ وَ عِرْضِكَ إِلاَّ بِثَمَنٍ .

وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غُبِنَ نَصيبَهُ مِنَ اللَّهِ ، وَ الْمَحْرُوبُ مَنْ حُرِبَ دينُهُ ، وَ الْمَسْلُوبُ مَنْ سُلِبَ يَقينُهُ .

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ .

إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَيْرُ مُصْدِرٍ ، وَ ضَامِنٌ غَيْرُ وَفِيٍّ ، وَ رُبَّمَا شَرَقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رَيِّهِ .

وَ كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّيْ‏ءِ الْمُتَنَافَسِ فيهِ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ لِفَقْدِهِ .

وَ الأَمَانِيُّ تُعْمي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ .

وَ الْحَظُّ يَأْتي مَنْ لاَ يَأْتيهِ .

يَا بُنَيَّ ، احْفَظْ عَنّي أَرْبَعاً ، وَ أَرْبَعاً ، لاَ يَضُرُّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ :

إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ .

وَ أَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ .

وَ أَوْحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ .

وَ أَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلْقِ .

يَا بُنَيَّ ، إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الأَحْمَقِ ، فَإِنَّهُ يُجْهِدُ لَكَ نَفْسَهُ وَ لاَ يَنْفَعُكَ ، وَ لَرُبَّمَا يُريدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ .

فَسُكُوتُهُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ نُطْقِهِ ، وَ بُعْدُهُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ قُرْبِهِ ، وَ مَوْتُهُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حَيَاتِهِ.

وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ ، فَإِنَّهُ يَبيعُكَ بِالتَّافِهِ الْمُحْتَقَرِ

وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْبَخيلِ ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ .

وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ ، وَ لاَ يَهْنَئُكَ مَعَهُ عَيْشٌ ، يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعيدَ ، وَ يُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَريبَ ، يَنْقُلُ حَديثَكَ وَ يَنْقُلُ الْحَديثَ إِلَيْكَ ، كُلَّمَا أَفْنى أُحْدُوثَةً مَطَّهَا بِأُخْرى ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُحَدِّثُ

بِالصِّدْقِ فَمَا يُصَدَّقُ ، وَ يُعْرَفُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدَاوَةِ .

فَإِنِ اضْطُرِرْتَ إِلَيْهِ فَلاَ تُصَدِّقْهُ ، وَ لاَ تُعْلِمْهُ أَنَّكَ تُكَذِّبْهُ ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ عَنْ وُدِّكَ وَ لاَ يَنْتَقِلُ عَنْ طَبْعِهِ .

[ يَا بُنَيَّ ، ] لاَ تَصْحَبِ الْمَائِقَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ ، وَ يَوَدُّ لَوْ أَنَّكَ تَكُونُ مِثْلَهُ ، وَ يُزَيِّنُ لَكَ أَسْوَءَ خِصَالِهِ ، وَ مَدْخَلُهُ عَلَيْكَ وَ مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكَ شَيْنٌ وَ عَارٌ .

وَ إِيَّاكَ أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى اللَّئيمِ ، فَإِنَّهُ يَخْذُلُ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ .

وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الأَشْرَارِ ، فَإِنَّهُمْ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ بِالسَّلاَمَةِ مِنْهُمْ .

وَ إِيَّاكَ وَ مُعَاشَرَةَ مُتَتَبِّعي عُيُوبِ النَّاسِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ مُصَاحِبُهُمْ مِنْهُمْ .

وَ إِيَّاكَ وَ مُقَارَبَةَ مَنْ رَهِبْتَهُ عَلى دينِكَ وَ عِرْضِكَ .

وَ تَبَاعَدْ مِنَ السُّلْطَانِ ، وَ لاَ تَأْمَنْ خُدَعَ الشَّيْطَانِ .

تَقُولُ : مَتى أَرى مَا أُنْكِرُ نَزَعْتُ .

فَإِنَّهُ هكَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ قَدْ أَيْقَنُوا بِالْمَعَادِ ، فَلَوْ سُمْتَ بَعْضَهُمْ بَيْعَ آخِرَتِهِ بِالدُّنْيَا لَمْ يَطِبْ بِذَلِكَ نَفْساً . ثُمَّ قَدْ يَتَحَيَّلُهُ الشَّيْطَانُ بِخُدَعِهِ وَ مَكْرِهِ ، حَتَّى يُوَرِّطَهُ في هَلَكَةٍ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَسيرٍ حَقيرٍ ، وَ يَنْقُلَهُ مِنْ شَرٍّ إِلى شَرٍّ حَتَّى يُؤْيِسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ يُدْخِلَهُ فِي الْقُنُوطِ ، فَيَجِدُ الْوَجْهَ [إِلى مَا خَالَفَ الإِسْلاَمَ وَ أَحْكَامَهُ .

فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ إِلاَّ حُبَّ الدُّنْيَا وَ قُرْبَ السُّلْطَانِ ، فَخَالَفَتْكَ إِلى مَا نَهَيْتُكَ عَنْهُ مِمَّا فيهِ رُشْدَكَ ،

فَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، فَإِنَّهُ لاَثِقَةَ لِلْمُلُوكِ عِنْدَ الْغَضَبِ ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ ، وَ لاَ تَنْطِقْ بِأَسْرَارِهِمْ ،

وَ لاَ تَدْخُلْ فيمَا بَيْنَهُمْ .

يَا بُنَيَّ لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ . وَ لاَ فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ . وَ لاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ . وَ لاَ وَاعِظَ أَبْلَغُ مِنَ النُّصْحِ . وَ لاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ .

وَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبيرِ . وَ لاَ كَرَمَ كَالتَّقْوى . وَ لاَ قَرينَ كَحُسْنِ الْخُلْقِ . وَ لا ميرَاثَ كَالأَدَبِ . وَ لاَ قَائِدَ كَالتَّوْفيقِ . وَ لاَ تِجَارَةَ كَالعْمَلِ الصَّالِحِ . وَ لاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ . وَ لاَ وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ . وَ لاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ . وَ لاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ. وَ لاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ . وَ لاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَ الصَّبْرِ .

وَ لاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ . وَ لاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ . وَ لاَ عِزَّ كَالْحِلْمِ ، وَ لاَ حِلْمَ كَالصَّبْرِ وَ الصَّمْتِ .

[ وَ ] أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ ، وَ أَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَ الأَرْكَانِ .

يَا بُنَيَّ ، الْعِلْمُ خَليلُ الْمَرْءِ ، وَ الْعَقْلُ دَليلُهُ ، وَ الْحِلْمُ وَزيرُهُ ، وَ الصَّبْرُ مِنْ خَيْرِ جُنُودِهِ ، وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ ،

وَ الْعَمَلُ قَرينُهُ ، وَ الْيُسْرُ أَخُوهُ .

وَ فِي الصَّمْتِ السَّلاَمَةُ مِنَ النَّدَامَةِ وَ تَلاَفيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ فَائِدَةَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ .

وَ حِفْظُ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ .

وَ اعْلَمُ أَنَّ حِفْظُ مَا في يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا في يَدَي غَيْرِكَ .

كُنْ سَمِحاً وَ لاَ تَكُنْ مُبَذِّراً ، وَ كُنْ مُقَدِّراً ، وَ لاَ تَكُنْ مُقَتِّراً .

وَ حُسْنُ التَّدْبيرِ مَعَ الْكَفَافِ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْكَثيرِ مَعَ الاِسْرَافِ .

فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلى غَيْرِ أَهْلِهَا ، وَ مَرَارَةُ الْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ .

وَ مُدَاوَمَةُ الْوَحْدَةِ أَسْلَمُ مِنْ خِلْطَةِ النَّاسِ .

وَ لاَ تُحَدِّثْ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ ، فَتَكُونَ كَذَّاباً .

وَ الْكَذِبُ ذُلٌّ ، فَجَانِبْهُ وَ أَهْلَهُ .

يَا بُنَيَّ ، الْحُرْفَةُ مَعَ الْعِفَّةِ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْغِنى مَعَ الْفُجُورِ .

وَ الْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ .

وَ رُبَّ سَاعٍ فيمَا يَضُرُّهُ .

مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ ، وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ .

وَ مِنْ خَيْرِ حَظِّ الْمَرْءِ الْقَرينُ الصَّالِحُ ، فَ قَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ ، وَ بَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ وَ مَنْ يَصُدُّكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرِ الْمَوْتِ بِالأَبَاطيلِ الْمُزَخْرَفَةِ وَ الأَرَاجيفِ الْمُلَفَّقَةِ ،

تَبِنْ عَنْهُمْ .

أُحْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ .

وَضَعْ أَمْرَ أَخيكَ عَلى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ .

لاَ تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلاً] .

لاَ يَغْلِبَنَّ عَلَيْكَ سُوءُ الظَّنِّ فَإِنَّهُ لاَ يَدَعُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ خَليلٍ صُلْحاً .

وَ عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَأَكْثِرْ فِي اكْتِسَابَهُمْ ، فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ عِنْدَ الرَّجَاءِ وَ جُنَّةٌ عِنْدَ الْبَلاَءِ .

وَ شَاوِرْ في حَديثِكَ الَّذينَ يَخَافُونَ اللَّهَ .

وَ أَحْبِبِ الإِخْوَانَ عَلى قَدْرِ التَّقْوى .

إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فيهِ ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ وَ ] الاِحْجَامُ عَنِ الأَمْرِ يُورِثُ الْعَجْزَ ، وَ الاِقْدَامُ عَلَيْهِ يُورِثُ اجْتِلاَبَ الْحَظِّ] .

لاَ تَدْعُوَنَّ أَحَداً إِلى مُبَارَزَةٍ ، وَ إِنْ دُعيتَ إِلَيْهَا فَأَجِبْ ، فَإِنَّ الدَّاعِيَ إِلَيْهَا بَاغٍ ، وَ الْبَاغِيَ مَصْرُوعٌ .

مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ الْغَضَبِ للَّهِ سُبْحَانَهُ قَوِيَ عَلى قَتْلِ أَشِدَّاءِ الْبَاطِلِ .

بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ ، وَ بِئْسَ الْقُوتُ أَكْلُ مَالِ الأَيْتَامِ ، وَ بِئْسَتِ الْقِلاَدَةُ قِلاَدَةُ الآثَامِ.

وَ ظُلْمُ الضَّعيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ ، وَ ظُلْمُ الْمُسْتَسْلِمِ أَعْظَمُ الْجُرْمِ .

لِلظَّالِمِ الْبَادِئِ غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ ، وَ لِلْمُسْتَحْلي لَذَّةَ الدُّنْيَا غُصّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالأحد يناير 01, 2012 8:18 am

مماروي عن مولانا وإمامنا علي امير المؤمنين في المؤمنين الزاهدين بالدنيا وغرورها
قال نوف البكالي : كنت عند أمير المؤمنين ذات ليلة ، فرأيته و قد خرج من فراشه ، و نظر في النجوم ثم قرأ آيات آل عمران إن في خلق السماوات و الأرض ثم قال لي :
يَا نَوْفُ ، أَرَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ ؟ .
فَقلت : بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين .
فقال :
يَا نَوْفُ ، طُوبى لِلزَّاهِدينَ فِي الدُّنْيَا ، الرَّاغِبينَ فِي الآخِرَةِ ، أُولئِكَ قَوْمٌ وُعِظُوا فَاتَّعَظُوا ،
وَ خُوِّفُوا فَحَذِرُوا ، وَ عَلِمُوا فَعَمِلُوا .
إِنْ أَصَابَهُمْ يُسْرٌ شَكَرُوا ، وَ إِنْ أَصَابَهُمْ عُسْرٌ صَبَرُوا .
إِذَا جَنَّهُمُ اللَّيْلُ اتَّزَرُوا عَلَى الأَوْسَاطِ ، وَ ارْتَدَوْا عَلَى الأَطْرَافِ ، وَ صَفُّوا الأَقْدَامَ ، وَ افْتَرَشُوا الْجِبَاهَ ، وَ إِذَا تَجَلَّى النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ ، أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءٌ ، إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا ، وَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا .
إِتَّخَذُوا الأَرْضَ بِسَاطاً ، وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً ، وَ مَاءَهَا طيباً ، وَ الْقُرْآنَ شِعَاراً ، وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً ، ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلى مِنْهَاجِ الْمَسيحِ عيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ .
لاَ يَهِرُّونَ هَريرَ الْكِلاَبِ ، وَ لاَ يَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ .
إِنْ رَأَوْا مُؤْمِناً أَكْرَمُوهُ ، وَ إِنْ رَأَوْا فَاسِقاً هَجَرُوهُ .
شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ ، وَ حَوَائِجُهُمْ خَفيفَةٌ ، وَ أَنْفُسُهُمْ عَفيفَةٌ .
إِخْتَلَفَتْ مِنْهُمُ الأَبْدَانُ ، وَ لَمْ تَخْتَلِفْ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ .
يَا نَوْفُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحى إِلى عَبْدِهِ عيسَى الْمَسيحَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ مُرْ بَني إِسْرَائيلَ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا بَيْتاً مِنْ بُيُوتي إِلاَّ بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَجِلَةٍ ، وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ ، وَ أَكُفٍّ نَقِيَّةٍ ، وَ أَعْلِمْهُمْ أَنّي لاَ أَسْتَجيبُ لأَحَدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةً وَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقي عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ .
يَا نَوْفُ ، إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ في مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ [ 5 ] فَقَالَ : إِنَّهَا لَسَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجيبَ لَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً ، أَوْ عَريفاً ، أَوْ شُرْطِيّاً ، أَوْ جَابِياً ، أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ ، أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ .
يَا نَوْفُ ، إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلاَ تَكُنْ لِلظَّالِمينَ مُعيناً .
يَا نَوْفُ ، إِيَّاكَ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ ، وَ تُبَارِزَ اللَّهَ بِالْمَعَاصي ، فَيَفْضَحُكَ اللَّهُ يَوْمَ تَلْقَاهُ .
يَا نَوْفُ ، أَحْسِنْ يُحْسِنِ اللَّهُ إِلَيْكَ .
يَا نَوْفُ ، صِلْ رَحِمَكَ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ يَزِدِ اللَّهَ في عُمُرِكَ ، وَ حَسِّنْ خُلُقَكَ يُخَفِّفِ اللَّهُ حِسَابَكَ .
يَا نَوْفُ ، ارْحَمْ تُرْحَمْ .
يَا نَوْفُ ، قُلْ خَيْراً تُذْكَرْ بِخَيْرٍ .
يَا نَوْفُ ، اجْتَنِبِ الْغيبَةَ فَإِنَّهَا إِدَامُ كِلاَبِ النَّارِ .
يَا نَوْفُ ، كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلاَلٍ وَ هُوَ يَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ النَّاسِ بِالْغيبَةِ ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ
وُلِدَ مِنْ حَلاَلٍ وَ هُوَ يُحِبُّ الزِّنَا ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلاَلٍ وَ هُوَ يُبْغِضُني وَ يُبْغِضُ الأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدي ، وَ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ مُجْتَرِئٌ عَلى مَعَاصِي اللَّهِ في كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ .
يَا نَوْفُ ، مَنْ أَحَبَّنَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ .
يَا نَوْفُ ، خُلِقْنَا مِنْ طينَةٍ طَيِّبَةٍ وَ خُلِقَ شيعَتُنَا مِنْ طينَتِنَا ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُلْحِقُوا بِنَا .
إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ .
وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبيدِ .
وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الأَحْرَارِ .
يَا نَوْفُ ، إِنْ طَالَ بُكَاؤُكَ مَخَافَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَرَّتْ عَيْنَاكَ غَداً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .
يَا نَوْفُ ، إِنَّهُ لَيْسَ مَنْ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ مِنْ عَيْنِ رَجُلٍ إِلاَّ أَطْفَأَتْ بِحَاراً مِنَ النّيرَانِ .
يا نَوْفُ ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ أَعْظَمُ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ بَكى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ أَحَبَّ فِي اللَّهِ ،
[ وَ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ ] .
يَا نَوْفُ ، إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ لَمْ يَسْتَأْثِرْ عَلى مَحَبَّتِهِ ، وَ مَنْ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ لَمْ يُنِلْ مُبْغِضَهُ خَيْراً .
يَا نَوْفُ ، احْفَظْ عَنّي مَا أَقُولُ لَكَ تَنَلْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالأربعاء يناير 04, 2012 2:15 am

مماروي عن أميرنا أمير المؤمنين لمن يذم الدنيا كيفما اتفق
مماروي عن أميرنا أمير المؤمنين
مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذُمُّونَ الدُّنْيَا وَ قَدِ انْتَحَلُوا الزُّهْدَ فيهَا ؟
مِنْهَا ، وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا .
اَلدُّنْيَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ ، وَ مُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اللَّهِ ، وَ مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ ، وَ مَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ،
اكْتَسَبُوا في...هَا الرَّحْمَةَ ، وَ رَبِحُوا فيهَا الْجَنَّةَ .
فَمَنْ ذَا يَذُمُّ الدُّنْيَا ، وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا ، وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا ، وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا ، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا الْبَلاَءَ ، وَ شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ ، وَ ذَكَّرَتْهُمْ بِنَعيمِهَا طيبَ الْحُبُورِ .
رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ ، وَ ابْتَكَرَتْ بِفَجيعَةٍ ، تَرْغيباً وَ تَرْهيباً ، وَ تَخْويفاً وَ تَحْذيراً ، فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ ، وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَتَذَكَّرُوا تَصَاريفَهَا ، وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا حَديثَهَا ، وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا ،
وَ خَوَّفَتْهُمْ فَخَافُوا ، وَ شَوَّقَتْهُمْ فَاشْتَاقُوا .
فَيَا أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا ، الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا ، الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطيلِهَا ، أَتَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ثُمَّ تَذُمُّهَا ؟ .
أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ ؟ .
لَيْتَ شِعْري ، مَتى خَدَعَتْكَ الدُّنْيَا ، أَمْ مَتَى اسْتَدَامَتْ لَكَ ؟ .
مَتَى اسْتَهْوَتْكَ ، أَمْ مَتى غَرَّتْكَ ؟ .
أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلى ، أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرى ؟ .
كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ ، وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ ، تَبْغي لَهُمُ الشِّفَاءَ ، وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الدَّوَاءَ ، وَ تَطْلُبُ لَهُمُ [ الأَطِبَّاءَ ، غَدَاةَ لاَ يُغْني عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ ، وَ لاَ يُجْدي عَنْهُمْ بُكَاؤُكَ ، لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ ، وَ لَمْ تُسْعَفْ فيهِ بِطَلِبَتِكَ ، وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ .
وَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ ، وَ بِحَالِهِ حَالَكَ ، وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ ، وَ بِمَضْجَعِهِ مَضْجَعَكَ ،
غَدَاةَ لاَ يَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ ، وَ لاَ يُغْني عَنْكَ نِدَاؤُكَ .
حينَ يَشْتَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَعَالينُ الْمَرَضِ ، وَ أَليمُ لَوْعَاتِ الْمَضَضِ .
حينَ لاَ يَنْفَعُ الأَليلُ ، وَ لاَ يَدْفَعُ الْعَويلُ .
حينَ يُحْفَزُ بِهَا الْحَيْزُومُ ، وَ يَغُصُّ بِهَا الْحُلْقُومُ .
حينَ لاَ يُسْمِعُهُ النِّدَاءُ ، وَ لاَ يَرُوعُهُ الدُّعَاءُ .
فَيَا طُولَ الْحُزْنِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الأَجَلِ .
ثُمَّ يُرَاحُ بِهِ عَلى شِرْجَعٍ تُقِلُّهُ أَكُفُّ أَرْبَعٍ ، فَيُضْجَعُ في قَبْرِهِ في لَبَثٍ ، وَ ضيقِ جَدَثٍ .
فَذَهَبَتِ الْجِدَّةُ ، وَ انْقَطَعَتِ الْمُدَّةُ ، وَ رَفَضَتْهُ الْعَطَفَةُ ، وَ قَطَعَتْهُ اللَّطَفَةُ .
لاَ تَقَارَبُهُ الأَخِلاَّءُ ، وَ لاَ يُلِمُّ بِهِ الزُّوَّارُ ، وَ لاَ اتَّسَقَتْ بِهِ الدَّارُ .
إِنْقَطَعَ دُونَهُ الأَثَرُ ، وَ اسْتَعْجَمَ دُونَهُ الْخَبَرُ .
وَ بَكَّرَتْ وَرَثَتُهُ ، فَأَقْسَمَتْ تَرِكَتَهُ .
وَ لَحِقَهُ الْحُوبُ ، وَ أَحَاطَتْ بِهِ الذُّنُوبُ .
فَإِنْ يَكُنْ قَدَّمَ خَيْراً طَابَ مَكْسَبُهُ ، وَ إِنْ يَكُنْ قَدَّمَ شَرّاً تَبَّ مُنْقَلَبُهُ .
وَ كَيْفَ يَنْفَعُ نَفْساً قَرَارُهَا ، وَ الْمَوْتُ قُصَارُهَا ، وَ الْقَبْرُ مَزَارُهَا ؟ .
فَكَفى بِهذَا وَاعِظاً كَفى . وَ لاَ تَسْمَعُ في مَدْحِ الدُّنْيَا أَحْسَنَ مِنْ هذَا .
ثم التفت إلى أصحابه ، فقال :
أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ ، فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجي ، وَ ثِقَةُ الْهَارِبِ اللاَّجي .
وَ اسْتَشْعِرُوا التَّقْوى شِعَاراً بَاطِناً ، وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً ، تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ ، وَ تَسْلُكُوا بِهِ طَريقَ النَّجَاةِ
أَيُّهَا النَّاسُ ، انْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدينَ فيهَا ، الصَّادِفينَ عَنْهَا ، فَإِنَّهَا ، وَ اللَّهِ ، عَمَّا قَليلٍ تُزيلُ الثَّاويَ ، [ وَ ] تُشْخِصُ الْوَادِعَ السَّاكِنَ ، وَ تُفْجِعُ الْمُتْرَفَ الْمُغْتَبِطَ ] الآمِنَ .
لاَ يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مِنْهَا فَأَدْبَر ، وَ لاَ يُدْرى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرُ
أَمَانِيُّهَا كَاذِبَةٌ ، وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ .
صَفْوُهَا كَدَرٌ ، وَ ابْنُ آدَمَ فيهَا عَلى خَطَرٍ .
إِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ ، وَ إِمَّا بَلِيَّةٌ نَازِلَةٌ ، وَ إِمَّا مُعْظَمَةٌ جَائِحَةٌ ، وَ إِمَّا مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ .
وَصَلَ الْبَلاَءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ ، وَ الْبَقَاءُ فيهَا بِالْفَنَاءِ .
فَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ ، وَ جَلَدُ الرِّجَالِ فيهَا إِلَى الضَّعْفِ ، وَ آخِرُ الْحَيَاةِ فيهَا إِلَى الْوَهْنِ .
فَهِيَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا ، وَ أَعْجَبَتْ مَنْ يَرَاهَا ، عَذْبٌ شُرْبُهَا ، طَيِّبٌ تُرْبُهَا ، تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّرى ،
وَ تَنْطِفُ فُرُوعُهَا النَّدى .
حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ ، وَ اسْتَوى بَنَانُهُ ، هَاجَتْ ريحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ ، وَ تُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ ،
فَأَصْبَحَتْ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالى : هَشيماً تَذْرُوه الرِّيَاحُ وَ كَانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً
فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا يُعْجِبُكُمْ فيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا .
رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَ اعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ ، وَ أَبْصَرَ فَازْدَجَرَ ، وَ عَايَنَ إِدْبَارَ مَا قَدْ أَدْبَرَ ،
وَ حُضُورَ مَا قَدْ حَضَرَ .
فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْيَا عَمَّا قَليلٍ لَمْ يَكُنْ ، وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ عَمَّا قَليلٍ لَمْ يَزُلْ .
وَ كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَصٍ ، وَ كُلُّ سُرُورٍ مُنْقَضٍ ، وَ كُلُّ جَمْعٍ إِلى شَتَاتٍ ، وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ ،
وَ كُلُّ آتٍ قَريبٌ ، وَ كُلُّ قَريبٍ دَانٍ .
عِبَادَ اللَّهِ ، إِنَّكُمْ وَ مَا تَأْمَلُونَ مِنْ هذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ ، وَ مَدينُونَ مُقْتَضَوْنَ ،
أَجَلٌ مَنْقُوصٌ ، وَ عَمَلٌ مَحْفُوظٌ .
فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيِّعٌ ، وَ رُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ .
وَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ في زَمَنٍ لاَ يَزْدَادُ الْخَيْرُ فيهِ إِلاَّ إِدْبَاراً ، وَ الشَّرُّ فيهِ إِلاَّ إِقْبَالاً ، وَ الشَّيْطَانُ في هَلاَكِ النَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً .
فَهذَا أَوَانُ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ ، وَ عَمَّتْ مَكيدَتُهُ ، وَ أَمْكَنَتْ فَريسَتُهُ .إِضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقيراً يُكَابِدُ فَقْراً ، أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ
اللَّهِ كُفْراً ، أَوْ بَخيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّهِ وَفْراً ، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً ؟ .
أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ وَ صُلَحَاؤُكُمْ ؟ .
وَ أَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَ سُمَحَاؤُكُمْ ؟ .
وَ أَيْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ في مَكَاسِبِهِمْ ، وَ الْمُتَنَزِّهُونَ في مَذَاهِبِهِمْ ؟ .
أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَميعاً عَنْ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ ، وَ الْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ ؟ .
وَ هَلْ خُلِّفْتُمْ إِلاَّ في حُثَالَةٍ لاَ تَلْتَقي إِلاَّ بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ ، اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ ، وَ ذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ .
فَإِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ ، وَ لاَ زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ .
أَفَبِهذَا تُريدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ في دَارِ قُدْسِهِ ، وَ تَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ ؟ .
هَيْهَاتَ ، لاَ يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ ، وَ لاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ .
[ ثم قال لَعَنَ اللَّهُ الآمِرينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكينَ لَهُ ، وَ النَّاهينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلينَ بِهِ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالخميس يناير 05, 2012 12:19 am

مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في أصناف الناس و فضيلة العلم
مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في وصايه لكميل رضي الله عنه وأرضاه
قال كُميل بن زياد النخعي : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي ، فأخرجني إلى ناحية الجبّان لا يكلّمني بكلمة ، فلما أصحر تنفّس الصعداء ، ثم قال :
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا .
فَاحْفَظْ عَنّي ...مَا أَقُولُ لَكَ :
اَلنَّاسُ ثَلاَثَةٌ :
فَعَالِمٌ رَبّانِيٌّ .
وَ مُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ النَّجَاةِ .
وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ ، يَميلُونَ مَعَ كُلِّ ريحٍ .
لَمْ يَسْتَضيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ فَيَهْتَدُوا ، وَ لَمْ يَلْجَؤُوا إِلى رُكْنٍ وَثيقٍ فَيَنْجُوا
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ ، وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ ، وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَ الْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الاِنْفَاقِ ، وَ صَنيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ .
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دينٌ يُدَانُ اللَّهُ بِهِ ، بِهِ يَكْسِبُ الإِنْسَانُ الطَّاعَةَ لِرَبِّهِ في حَيَاتِهِ ، وَ جَميلَ الأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ ، وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ .
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، هَلَكَ خُزَّانُ الأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ ، وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ ، وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ .
ثم قال عليه السلام :
هَاهٍ هَاهٍ إِنَّ هَاهُنَا [ و أشار إلى صدره بيده ] لَعِلْماً جَمّاً عَلَّمَنيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً يَرْعَوْنَهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَ يَرْوُونَهُ كَمَا يَسْمَعُونَهُ .
اَللَّهُمَّ] بَلى لَقَدْ أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدّينِ لِلدُّنْيَا ، وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلى عِبَادِهِ ، وَ بِحُجَجِهِ عَلى أَوْلِيَائِهِ ، لِيَتَّخِذَهُ الضُّعَفَاءُ وَليجَةً دُونَ وَلِيِّ الْحَقِّ .
أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لاَ بَصيرَةَ لَهُ في أَحْنَائِهِ ، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ في قَلْبِهِ لأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ .
أَلا مَهْ . لاَ ذَا وَ لاَ ذَاكَ .
أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ ، سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ .
أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الاِدِّخَارِ .
لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدّينِ في شَيْ‏ءٍ ، أَقْرَبُ شَيْ‏ءٍ شَبَهاً بِهِمَا الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ .
كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِليهِ
اَللَّهُمَّ بَلى . لاَ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ للَّهِ بِحُجَجِهِ ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً ، وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً ،
لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ .
وَ كَمْ ذَا ، وَ أَيْنَ أُولئِكَ ؟ .
أُولئِكَ ، وَ اللَّهِ ، الأَقَلُّونَ عَدَداً ، وَ الأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ قَدْراً ، بِهِمْ يَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ ، وَ يَزْرَعُوهَا في قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ .
هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلى حَقيقَةِ الْبَصيرَةِ ، وَ بَاشَرُوا رَوْحَ الْيَقينِ ، وَ اسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ ، وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ
الأَعْلى .
[ قَدْ ] دَانُوا بِالتَّقِيَّةِ عَنْ دينِهِمْ ، وَ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوِّهِمْ .
خُرْسٌ صُمْتٌ في دَوْلَةِ الْبَاطِلِ ، يَنْتَظِرُونَ دَوْلَةَ الْحَقِّ .
وَ سَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَ يَمْحَقُ الْكَافِرينَ .
يَا كُمَيْلُ [أُولئِكَ أُمَنَاءُ اللَّهِ في خَلْقِهِ ، وَ خُلَفَاؤُهُ في أَرْضِهِ ، وَ سُرُجُهُ في بِلاَدِهِ
وَ الدُّعَاةُ إِلى دينِهِ .
هَاهٍ هَاهٍ طُوبى لَهُمْ عَلى صَبْرِهِمْ عَلى دينِهِمْ في حَالِ هُدْنَتِهِمْ .
وَ آهِ آهِ شَوْقاً إِلى رُؤْيَتِهِمْ في حَالِ ظُهُورِ دَوْلَتِهِمْ .
وَ سَيَجْمَعُنَا اللَّهُ وَ إِيَّاهُمْ في جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ .
يَا كُمَيْلُ ، سَمِّ كُلَّ يَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ ، وَ قُلْ : لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .
وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ، وَ اذْكُرْنَا ، وَ سَمِّ بِأَسْمَائِنَا ، وَ صَلِّ عَلَيْنَا ، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَ بِنَا ، وَ ادْرأْ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِكَ وَ مَا تَحُوطُهُ عِنَايَتُكَ ، تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَدَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ هُوَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَدَّبَني ،
وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنينَ ، وَ أُوَرِّثُ الأَدَبَ الْمُكْرَمينَ .
يَا كُمَيْلُ ، مَا مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ وَ أَنَا اَفْتَحُهُ ، وَ مَا مِنْ سِرٍّ إِلاَّ وَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَخْتِمُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَأْخُذْ إِلاَّ عَنَّا تَكُنْ مِنَّا .
يَا كُمَيْلُ ، مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلاَّ وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فيهَا إِلى مَعْرِفَةٍ .

يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ ، وَ فيهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ الأَدْوَاءِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَوَاكِلِ الطَّعَامَ وَ لاَ تَبْخَلْ عَلَيْهِ ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرْزُقَ النَّاسَ شَيْئاً ، وَ اللَّهُ يُجْزِلُ لَكَ الثَوَابَ بِذَلِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَنْتَ أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْ مَعَكَ ، وَ يُرْزَقَ مِنْهُ غَيْرُكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا اسْتَوْفَيْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلى مَا رَزَقَكَ ، وَ ارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ يَحْمَدْهُ سِوَاكَ ،
فَيَعْظُمَ بِذَلِكَ أَجْرُكَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُوقِرَنَّ مِعْدَتَكَ طَعَاماً ، وَدَعْ فيهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً ، وَ لِلرّيحِ مَجَالاً .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُنْفِدْ طَعَامَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمْ يُنْفِدْهُ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَرْفَعَنَّ يَدَكَ عَنِ الطَّعَامِ إِلاَّ وَ أَنْتَ تَشْتَهيهِ ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، صِحَّةُ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَ قِلَّةِ الْمَاءِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَحْسِنْ خُلُقَكَ ، وَ ابْسِطْ جَليسَكَ ، وَ لاَ تَنْهَرَنَّ خَادِمَكَ .
يَا كُمَيْلُ ، الْبَرَكَةُ فِي الْمَالِ مِنْ إيتَاءِ الزَّكَاةَ ، وَ مُوَاسَاةِ الْمُؤْمِنينَ ، وَ صِلَةِ الأَقْرَبينَ ، وَ هُمُ الأَقْرَبُونَ لَنَا .
يَا كُمَيْلُ ، زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلى مَا تُعْطي سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنينَ ، وَ كُنْ بِهِمْ أَرْأَفُ ، وَ عَلَيْهِمْ أَعْطَفُ ،
وَ تَصَدَّقْ عَلَى الْمَسَاكينِ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَرُدَّنَّ سَائِلاً وَ لَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَحْسَنُ حِلْيَةِ الْمُؤْمِنِ التَّوَاضُعُ ، وَ جَمَالُهُ التَّعَفُّفُ ، وَ شَرَفُهُ التَّفَقُّهُ ، وَ عِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَ الْقيلِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِيَّاكَ وَ الْمِرَاءَ ، فَإِنَّكَ تُغْري بِنَفْسِكَ السُّفَهَاءَ ، وَ إِذَا فَعَلْتَ تُفْسِدُ الإِخَاءَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا جَادَلْتَ فِي اللَّهِ تَعَالى فَلاَ تُخَاطِبْ إِلاَّ مَنْ يُشْبِهُ الْعُقَلاَءَ ، وَ هذَا ضَرُورَةٌ .
يَا كُمَيْلُ ، هُمْ عَلى كُلٍّ سُفَهَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالى : أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَ لكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، في كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ ، فَإِيَّاكَ وَ مُنَاظَرَةَ الْخَسيسِ مِنْهُمْ .
فَإِنْ أَسْمَعُوكَ فَاحْتَمِلْ ، وَ كُنْ مِنَ الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالى بِقَوْلِهِ : وَ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً 1 .
يَا كُمَيْلُ ، قُلِ الْحَقَّ عَلى كُلِّ حَالٍ ، وَ وَادِّ الْمُتَّقينَ ، وَ اهْجُرِ الْفَاسِقينَ ، وَ جَانِبِ الْمُنَافِقينَ ، وَ لاَ تُصَاحِبِ الْخَائِنينَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِيَّاكَ إِيَّاكَ وَ تَطَرُّقَ أَبْوَابِ الظَّالِمينَ وَ الاِخْتِلاَطَ بِهِمْ ، وَ الاِكْتِسَابَ مَعَهُمْ ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُطيعَهُمْ [ وَ ] تُعَظِّمَهُمْ ، أَوْ أَنْ تَشْهَدَ في مَجَالِسِهِمْ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَلَيْكَ .
وَ إِنِ اضْطُرِرْتَ إِلى حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالى وَ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ ، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِهِمْ ، وَ أَطْرِقْ عَنْهُمْ ، وَ أَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ ، وَ اجْهَرْ بِتَعْظيمِ اللَّهِ تَعَالى لِتُسْمِعَهُمْ ، فَإِنَّهُمْ بِهَا يَهَابُونَكَ وَ تُكْفى شَرَّهُمْ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ أَحَبَّ مَا امْتَثَلَهُ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالى بَعْدَ الاِقْرَارِ بِهِ وَ بِأَوْلِيَائِهِ ، عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ،
التَّجَمُّلُ وَ التَّعَفُّفُ وَ الاِصْطِبَارُ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُرِيَنَّ النَّاسَ افْتِقَارَكَ ، وَ اصْبِرْ عَلَيْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَ تَسَتُّرٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ بَأْسَ بِأَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ .
وَ مَنْ أَخُوكَ . أَخُوكَ الَّذي لاَ يَخْذُلُكَ عِنْدَ الشَّديدَةِ ، وَ لاَ يَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَريرَةِ ، وَ لاَ يَخْدَعُكَ حينَ تَسْأَلُهُ ، وَ لاَ يَدَعُكَ حَتَّى تَسْأَلَهُ ، وَ لاَ يَذَرُكَ وَ أَمْرَكَ حَتَّى تُعْلِمَهُ ، فَإِنْ كَانَ مُميلاً أَصْلَحَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، لأَنَّهُ يَتَأَمَّلُهُ فَيَسُدُّ فَاقَتَهُ ، وَ يُجَمِّلُ حَالَتَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ، وَ لاَ شَيْ‏ءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخيهِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنْ لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا ، فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ قَصَّرَ عَنَّا ، وَ مَنْ قَصَّرَ عَنَّا لَمْ يَلْحَقْ بِنَا ،
وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فَ [ هُوَ ] فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ .
يَا كُمَيْلُ ، كُلُّ مَصْدُورٍ يَنْفُثُ ، فَمَنْ نَفَثَ إِلَيْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ وَ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ فَاسْتُرْهُ ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُبْدِيَهُ ،
فَلَيْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ ، وَ إِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصيرُ إِلى لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لاَ يُقيلُ اللَّهُ تَعَالى مِنْهَا ، وَ لاَ يَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَيْهَا ، وَ مَا قَالُوهُ لَكَ مُطْلَقاً فَلاَ تُعْلِمْهُ إِلاَّ مُؤْمِناً مُوافِقاً .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُعْلِمُوا الْكَافِرينَ مِنْ أَخْبَارِنَا فَيَزيدُوا عَلَيْهَا فَيُبْدُوكُمْ بِهَا إِلى يَوْمِ يُعَاقِبُونَ عَلَيْهَا .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ بُدَّ لِمَاضيكُمْ مِنْ أَوْبَةٍ ، وَ لاَ بُدَّ لَنَا فيكُمْ مِنْ غَلَبَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، سَيَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالى لَكُمْ خَيْرَ الْبَدْءِ وَ الْعَاقِبَةِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَنْتُمْ مُمَتَّعُونَ بِأَعْدَائِكُمْ ، تَطْرَبُونَ بِطَرَبِهِمْ ، وَ تَشْرَبُونَ بِشُرْبِهِمْ ، وَ تَأْكُلُونَ بِأَكْلِهِمْ ،
وَ تَدْخُلُونَ مَدَاخِلَهُمْ .
وَ رُبَّمَا غَلَبْتُمْ عَلى نِعْمَتِهِمْ ، إِي وَ اللَّهِ ، عَلى إِكْرَاهٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ ، وَ لكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاصِرُكُمْ وَ خَاذِلُهُمْ .
فَإِذَا كَانَ ، وَ اللَّهِ ، يَوْمُكُمْ ، وَ ظَهَرَ صَاحِبُكُمْ ، لَمْ يَأْكُلُوا ، وَ اللَّهِ ، مَعَكُمْ ، وَ لَمْ يَرِدُوا مَوَارِدَكُمْ ، وَ لَمْ يَقْرَعُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَ لَمْ يَنَالُوا نِعْمَتَكُمْ ، أَذِلَّةً خَائِبينَ ، مَلْعُونينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتيلاً 1 .
يَا كُمَيْلُ ، احْمَدِ اللَّهَ تَعَالى وَ الْمُؤْمِنينَ عَلى ذَلِكَ ، وَ عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ : لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ تُكْفَهَا ، وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ :
الْحَمْدُ للَّهِ تُزْدَدْ مِنْهَا .
وَ إِذَا أَبْطَأَتِ الأَرْزَاقُ عَلَيْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ يُوَسِّعْ عَلَيْكَ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ في صَدْرِكَ فَقُلْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ الْقَوِيِّ مِنَ الشَّيْطَانِ الْغَوِيِّ ، وَ أَعُوذُ بِمُحَمَّدٍ الرَّضِيِّ مِنْ شَرِّ مَا قُدِّرَ وَ قُضِيَ ، وَ أَعُوذُ بِإِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعينَ ، تُكْفَ مَؤُونَةَ إِبْليسَ وَ الشَّيَاطينَ مَعَهُ ، وَ لَوْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَبَالِسَةٌ مِثْلُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ لَهُمْ خُدَعاً وَ شَقَاشِقَ وَ زَخَارِفَ وَ وَسَاوِسَ وَ خُيَلاَءَ عَلى كُلِّ أَحَدٍ قَدْرَ مَنْزِلَتِهِ فِي الطَّاعَةِ وَ الْمَعْصِيَةِ ، فَبِحَسَبِ ذَلِكَ يَسْتَوْلُونَ عَلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ عَدُوَّ أَعْدى مِنْهُمْ ، وَ لاَ ضَارَّ أَضَرُّ بِكَ مِنْهُمْ ، أُمْنِيَتُهُمْ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ غَداً إِذَا جَثَوْا فِي الْعَذَابِ الأَليمِ ، لاَ يَفْتُرُ عَنْهُمْ بِشَرَرِهِ ، وَ لاَ يَقْصُرُ عَنْهُمْ ، خَالِدينَ فيهَا أَبَداً 2 .
يَا كُمَيْلُ ، سَخَطُ اللَّهِ تَعَالى مُحيطٌ بِمَنْ لَمْ يَحْتَرِزْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ وَ بِنَبِيِّهِ وَ جَميعِ عَزَائِمِهِ جَلَّ وَ عَزَّ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُمْ يَخْدَعُونَكَ بِأَنْفُسِهِمْ ، فَإِذَا لَمْ تُجِبْهُمْ مَكَرُوا بِكَ وَ بِنَفْسِكَ بِتَحْبيبِهِمْ إِلَيْكَ
شَهَوَاتِكَ ، وَ إِعْطَائِكَ أَمَانِيَّكَ وَ إِرَادَتَكَ ، وَ يُسَوِّلُونَ لَكَ ، وَ يُنْسُونَكَ ، وَ يَنْهَوْنَكَ وَ يَأْمُرُونَكَ ، وَ يُحْسِنُونَ ظَنَّكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَرْجُوَهُ فَتَغْتَرُّ بِذَلِكَ فَتَعْصيهِ ، وَ جَزَاءُ الْعَاصي لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، احْفَظْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ .
وَ الْمُسَوِّلُ الشَّيْطَانُ ، وَ الْمُمْلِي اللَّهُ تَعَالى .
يَا كُمَيْلُ ، اذْكُرْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى لإِبْليسَ لَعَنَهُ اللَّهُ : وَ اجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ وَ عِدْهُمْ وَ مَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ إِبْليسَ لاَ يَعِدُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَ إِنَّمَا يَعِدُهُمْ عَنْ رَبِّهِ ، لِيَحْمِلَهُمْ عَلى مَعْصِيَتِهِ فَيُوَرِّطَهُمْ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُ يَأْتيكَ بِلُطْفِ كَيْدِهِ ، فَيَأْمُرُكَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَلِفْتَهُ مِنْ طَاعَةٍ لاَ تَدَعُهَا ، فَتَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ مَلَكٌ كَريمٌ ، وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ رَجيمٌ ، فَإِذَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ وَ اطْمَأْنَنْتَ ، حَمَلَكَ عَلَى الْعَظَائِمِ الْمُهْلِكَةِ الَّتي لاَ نَجَاةَ مَعَهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ لَهُ فِخَاخاً يَنْصِبُهَا ، فَاحْذَرْ أَنْ يُوقِعَكَ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الأَرْضَ مَمْلُوءَةٌ مِنْ فِخَاخِهِمْ ، فَلَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ تَشَبَّثَ بِنَا ، وَ قَدْ أَعْلَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ عِبَادُهُ ، وَ عِبَادُهُ أَوْلِيَاؤُنَا . وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : إِنَّ عِبَادي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ] .
وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ : إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.
يَا كُمَيْلُ ، إِنْجُ بِوِلاَيَتِنَا مِنْ أَنْ يَشْرَكَكَ الشَّيْطَانُ في مَالِكَ وَ وَلَدِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَغْتَرَّ بِأَقْوَامٍ يُصَلُّونَ فَيُطيلُونَ ، وَ يَصُومُونَ فَيُدَاوِمُونَ ، وَ يَتَصَدَّقُونَ فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُوَفَّقُونَ.
وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ وَ الْعَنَاءُ .
حَبَّذَا صَوْمُ الأَكْيَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ .
وَ اللَّهِ لَنَوْمٌ عَلى يَقينٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْمُغْتَرّينَ .
يَا كُمَيْلُ ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا حَمَلَ قَوْماً عَلَى الْفَوَاحِشِ مِثْلَ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ الرِّبَا وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْخَنَا وَ الْمَآثِمِ ، حَبَّتَ إِلَيْهِمُ الْعِبَادَةَ الشَّديدَةَ ، وَ الْخُشُوعَ ، وَ الرُّكُوعَ ، وَ الْخُضُوعَ ، وَ السُّجُودَ ، ثُمَّ حَمَلَهُمْ عَلى وِلاَيَةِ الأَئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ، وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ 2 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعينَ ، وَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتي لاَ تُخْرِجُكَ إِلى عِوَجٍ ، وَ لاَ تُزيلُكَ عَنْ مَنْهَجٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ رُخْصَةَ في فَرْضٍ ، وَ لاَ شِدَّةَ في نَافِلَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لاَ يَسْأَلُكَ إِلاَّ عَمَّا فَرَضَ ، وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا عَمَلَ النَّوَافِلِ بَيْنَ أَيْدينَا لِلأَهْوَالِ الْعِظَامِ ، وَ الطَّامَّةِ يَوْمَ الْمُقَامِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الْوَاجِبَ للَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُزيلَهُ الْفَرَائِضُ وَ النَّوَافِلُ وَ جَميعُ الأَعْمَالِ وَ صَالِحُ الأَمْوَالِ ، وَ لكِنْ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ 3 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ ، وَ غَفْلَتَكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ ، وَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكَ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَمَلِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّكَ لاَ تَخْلُو مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَكَ وَ عَافِيَتِهِ إِيَّاكَ ، فَلاَ تَخْلُ مِنْ تَحْميدِهِ وَ تَمْجيدِهِ ، وَ تَسْبيحِهِ وَ تَقْديسِهِ ، وَ شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ عَلى كُلِّ حَالٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذينَ قَالَ [ عَنْهُمُ ] اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ 4 ،
وَ نَسَبَهُمْ إِلَى الْفِسْقِ فَقَالَ : أُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
يَا كُمَيْلُ ، لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ تُصَلَّيَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ . وَ إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلاَةُ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ ،
وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيٍّ ، وَ خُشُوعٍ سَوِيٍّ ، وَ إِبْقَاءٍ لِلْجِدِّ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، عِنْدَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ مَا بَيْنَهُمَا تَبَتَّلُ الْعُرُوقُ وَ الْمَفَاصِلُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ وَلاَءً إِلى مَا تَأْتي بِهِ مِنْ جَميعِ صَلَوَاتِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، انْظُرْ فيمَ تُصَلّي ، وَ عَلاَمَ تُصَلّي ، إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلاَ قَبُولَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللِّسَانَ يَنْزَحُ مِنَ الْقَلْبِ ، وَ الْقَلْبَ يَقُومُ بِالْغِذَاءِ ، فَانْظُرْ فيمَا تُغَذّي قَلْبَكَ وَ جِسْمَكَ ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِك حَلاَلاً لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالى تَسْبيحَكَ وَ لاَ شُكْرَكَ .
يَا كُمَيْلُ ، افْهَمْ وَ اعْلَمْ أَنّا لاَ نُرَخِّصُ في تَرْكِ أَدَاءِ الأَمَانَاتِ لأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ ، فَمَنْ رَوى عَنّي في ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَ أَثِمَ ، وَ جَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ .
أُقْسِمُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ لي قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلاَثَةً :
يَا أَبَا الْحَسَنِ ، أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فيمَا جَلَّ وَ قَلَّ حَتَّى الْخَيْطَ وَ الْمِخْيَطَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ غَزْوَ إِلاَّ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ ، وَ لاَ نَفَلَ إِلاَّ مِنْ إِمَامٍ فَاضِلٍ .
يَا كُمَيْلُ ، أَ رَأَيْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُظْهِرْ نَبِيّاً وَ كَانَ فِي الأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَانَ في دُعَائِهِ إِلَى اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصيباً . بَلى ، وَ اللَّهِ ، مُخْطِئاً حَتَّى يَنْصِبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِذَلِكَ وَ يُؤَهِّلَهُ لَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الدّينُ للَّهِ . فَلاَ تَغْتَرَّنَّ بِأَقْوَالِ الأُمَّةِ الْمَخْدُوعَةِ ، الْتي قَدْ ضَلَّتْ بَعْدَ مَا اهْتَدَتْ ، وَ جَحَدَتْ بَعْدَ مَا قَبِلَتْ .
يَا كُمَيْلُ ، الدّينُ للَّهِ ، فَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالى مِنْ أَحَدٍ الْقِيَامَ بِهِ إِلاَّ رَسُولاً أَوْ نَبِيّاً أَوْ وَصِيّاً .
يَا كُمَيْلُ ، هِيَ نُبُوَّةٌ وَ رِسَالَةٌ وَ إِمَامَةٌ ، وَ لَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ مُوالينَ مُتَّبِعينَ ، أَوْ عَامِهينَ مُبْتَدِعينَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ النَّصَارى لَمْ تُعَطِّلْ [ أَحْكَامَ ] اللَّهِ تَعَالى وَ لاَ الْيَهُودُ ، وَ لاَ جَحَدَتْ مُوسى وَ لاَ عيسى ، وَ لكِنَّهُمْ زَادُوا وَ نَقَصُوا ، وَ حَرَّفُوا وَ أَلْحَدُوا ، فَلُعِنُوا وَ مُقِتُوا وَ لَمْ يَتُوبُوا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقينَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ أَبَانَا آدَمَ لَمْ يَلِدْ يَهُودِيّاً وَ لاَ نَصْرَانِيّاً ، وَ لاَ كَانَ ابْنُهُ إِلاَّ حَنيفاً مُسْلِماً ، فَلَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ ، فَأَدَّاهُ إِلى أَنْ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ قُرْبَانَهُ ، بَلْ قَبِلَ مِنْ أَخيهِ فَحَسَدَهُ فَقَتَلَهُ ، وَ هُوَ مِنَ الْمَسْجُونينَ
فِي الْفَلَقِ الَّذينَ عِدَّتُهُمُ اثْنَا عَشَرَ ، سِتَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ ، وَ سِتَّةٌ مِنَ الآخِرينَ .
وَ الْفَلَقُ أَسْفَلُ مِنَ النَّارِ ، وَ مِنْ بُخَارِهِ حَرُّ جَهَنَّمَ . وَ حَسْبُكَ فيمَا حَرُّ جَهَنَّمَ مِنْ بُخَارِهِ .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ ، وَ اللَّهِ ، الَّذينَ اتَّقَوْا وَ الَّذينَ هُمْ مُحْسِنُونَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَريمٌ حَليمٌ ، عَظيمٌ رَحيمٌ ، دَلَّنَا عَلى أَخْلاَقِهِ ، وَ أَمَرَنَا بِالأَخْذِ بِهَا وَ حَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا ، فَقَدْ أَدَّيْنَاهَا غَيْرَ مُتَخَلِّفينَ ، وَ أَرْسَلْنَاهَا غَيْرَ مُنَافِقينَ ، وَ صَدَّقْنَاهَا غَيْرَ مُكَذِّبينَ ،
وَ قَبِلْنَاهَا غَيْرَ مُرْتَابينَ .
لَمْ يَكُنْ لَنَا ، وَ اللَّهِ ، شَيَاطينُ نُوحي إِليهَا وَ تُوحي إِلَيْنَا ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً ذَكَرَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ في كِتَابِهِ ، لَوْ قُرِئَ كَمَا أُنْزِلَ : شَيَاطينَ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ يُوحي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً 2 .
يَا كُمَيْلُ ، الْوَيْلُ لَهُمْ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً 3 .
يَا كُمَيْلُ ، لَسْتُ ، وَ اللَّهِ ، مُتَمَلِّقاً حَتَّى أُطَاعَ ، وَ لاَ مُمِنّاً حَتَّى أُعْصى ، وَ لاَ مَائِلاً لِطُغَامِ الأَعْرَابِ حَتَّى أَنْتَحِلَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنينَ وَ أُدْعى بِهَا .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ ، وَ الْقُرْآنُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ ، وَ قَدْ أَسْمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ قَدْ جَمَعَهُمْ ، فَنَادى فيهِمُ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ أَيَّاماً سَبْعَةً ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ . فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنى عَلَيْهِ ، وَ قَالَ :
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، إِنّي مُؤَدٍّ عَنْ رَبّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاَ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسي ، فَمَنْ صَدَّقَني فَلِلَّهِ صَدَّقَ ،
وَ مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ أَثَابَهُ الْجِنَانَ ، وَ مَنْ كَذَّبَني فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ مَنْ كَذَّبَ اللَّهَ أَعْقَبَهُ النّيرَانَ .
ثُمَّ نَادَاني . فَصَعَدْتُ . فَأَقَامَني دُونَهُ ، وَ رَأْسي إِلى صَدْرِهِ ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَنْ يَمينِهِ وَ شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ :
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمينَ ، أَمَرَني جِبْريلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَبّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ ، وَ أَنَّ وَصِيّي هذَا وَ ابْنَايَ وَ مَنْ خَلَفَهُمْ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ حَاملاً وَصَايَاهُمْ هُمُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ .
يَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ لِلثِّقْلِ الأَكْبَرِ ، وَ يَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ لِلثِّقْلِ الأَصْغَرِ ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلاَزِمٌ
لِصَاحِبِهِ غَيْرُ مُفَارِقٍ لَهُ حَتَّى يَرِدَا عَلَى اللَّهِ فَيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ الْعِبَادِ .
يَا كُمَيْلُ ، فَإِذَا كُنَّا كَذَلِكَ فَعَلاَمَ تَقَدَّمَنَا مَنْ تَقَدَّمَ ، وَ تَأَخَّرَ عَنَّا مَنْ تَأَخَّرَ ؟ .
يَا كُمَيْلُ ، قَدْ أَبْلَغَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ ، وَ نَصَحَ لَهُمْ ، وَ لكِنْ لاَ يُحِبُّونَ النَّاصِحينَ .
يَا كُمَيْلُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوْلاً أَعْلَنَهُ ، وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ مُتَوَافِرُونَ ،
يَوْماً بَعْدَ الْعَصْرِ ، يَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، قَائِماً عَلى قَدَمَيْهِ مِنْ فَوْقِ مِنْبَرِهِ : عَلِيٌّ مِنّي ، وَ ابْنَايَ مِنْهُ ، وَ الطَّيِّبُونَ مِنّي وَ مِنْهُمْ ، وَ هُمُ الطَّيِّبُونَ بَعْدَ أُمِّهِمْ ، وَ هُمْ سَفينَةُ نُوحٍ ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوى ، النَّاجي فِي الْجَنَّةِ ، وَ الْهَاوي في لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، عَلاَمَ يَحْسُدُونَنَا ، وَ اللَّهُ شَاءَنَا قَبْلَ أَنْ يَعْرِفُونَا . أَتَرَاهُمْ بِحَسَدِهِمْ إِيَّانَا عَنْ رَبِّنَا يُزَيِّلُونَنَا ؟ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا حَظِيَ مَنْ حَظِيَ بِدُنيَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ ، فَافْهَمْ تَحْظَ بِآخِرَةٍ بَاقِيَةٍ ثَابِتَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، كُلٌّ يَصيرُ إِلَى الآخِرَةِ ، وَ الَّذي نَرْغَبُ فيهِ مِنْهَا رِضَي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الدَّرَجَاتِ الْعُلى مِنَ الْجَنَّةِ الَّتي لاَ يُورِثُهَا إِلاَّ مَنْ كَانَ تَقِيّاً .
يَا كُمَيْلُ ، مَنْ لاَ يَسْكُنُ الْجَنَّةَ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَليمٍ ، وَ خِزْيٍ مُقيمٍ ، وَ مَقَاطِعَ وَ أَكْبَالٍ ، وَ سَلاَسِلَ طِوَالٍ ، وَ مُقَطِّعَاتِ النّيرَانِ ، وَ مُقَارَنَةِ الشَّيْطَانِ .
اَلشَّرَابُ صَديدٌ ، وَ اللِّبَاسُ حَديدٌ ، وَ الْخَزَنَةُ فَظَظَةٌ ، وَ النَّارُ مُلْتَهِبَةٌ ، وَ الأَبْوَابُ مُوثَقَةٌ مُطْبَقَةٌ .
يُنَادُونَ فَلاَ يُجَابُونَ ، وَ يَسْتَغيثِونَ فَلاَ يُرْحَمُونَ ، نِدَاؤُهُمْ : يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ 2 .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ ، وَ اللَّهِ ، الْحَقُّ الَّذي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ وَ مَنْ فيهِنَّ 3 .
يَا كُمَيْلُ ، ثُمَّ يُنَادُونَ اللَّهَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ يَمْكُثُوا أَحْقَاباً : اجْعَلْنَا عَلَى الرِّضَا ،
فَيُجيبَهُمُ : اخْسَؤُوا فيهَا وَ لاَ تُكَلِّمُونِ 4 .
فَعِنْدَهَا يَئِسُوا مِنَ الْكَرَّةِ ، وَ اشْتَدَّتِ الْحَسْرَةُ ، وَ أَيْقَنُوا بِالْمَكْثِ وَ الْهَلَكَةِ ، جَزَاءً بِمَا كَسَبُوا
يَا كُمَيْلُ ، مُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَرُوحُوا في كَسْبِ الْمَكَارِمِ ، وَ يُسَارِعُوا إِلى تَحَمُّلِ الْمَغَانِمِ ،
وَ يُدْلِجُوا في حَاجَةِ مَنْ هُوَ نَائِمٌ ، فَوَ الَّذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً إِلاَّ وَ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى لَهُ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ جَرى إِلَيْهَا كَالْمَاءِ فِي انْحِدَارِهِ حَتَّى يَطْرُدَهَا عَنْهُ كَمَا تُطْرَدُ غَريبَةُ الإبِلِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَنَا أَحَمَدُ اللَّهَ عَلى تَوْفيقِهِ إِيَّايَ وَ الْمُؤْمِنينَ ، وَ عَلى كُلِّ حَالٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لي وَ لَكَ.
إِنْصَرِفْ ، يَا كُمَيْلُ ، إِذَا شِئْتَ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 17, 2012 5:38 am

مماروي عن مولانا أمير المؤمنين لماسمع رجلا يقول اللهم إني اعوذ بك من الفتنة
لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اَللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلى فِتْنَةٍ ، وَ لكِنْ مَنِ اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ . فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى يَقُولُ : وَ اعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَ أَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ .
...وَ مَعْنى ذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِالأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ ، لِيَتَبَيَّنَ السَّاخِطَ لِرِزْقِهِ ،
وَ الرَّاضي بِقَسْمِهِ ، وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَ لكِنْ لِتَظْهَرَ الأَفْعَالُ الَّتي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ .
لأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ الذُّكُورَ ، وَ يَكْرَهُ الإِنَاثَ ، وَ بَعْضُهُمْ يُحِبُّ تَثْميرَ الْمَالِ ، وَ يَكْرَهُ انْثِلاَمَ الْحَالِ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالجمعة يناير 20, 2012 9:13 pm

مماروي عن مولا نا امير المؤمنين في المعروف

اَلْمَعْرُوفُ كَنْزٌ مِنْ أَفْضَلِ الْكُنُوزِ ، وَ زَرْعٌ مِنْ أَنْمَى الزُّرُوعِ ، وَ حِصْنٌ مِنْ أَحْصَنِ الْحُصُونِ .
يَشْكُرُهُ لَكَ . فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَ قَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْجَحُودُ الْكَافِرُ ، وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ .

... فَلاَ تَلْتَمِسْ مِنْ غَيْرِكَ مَا أَسْدَيْتَ إِلى نَفْسِكَ .

[ ثم قال لاَ يَسْتَقيمُ قَضَاءُ مَعْرُوفِ الْحَوَائِجِ إِلاَّ بِثَلاَثٍ :

بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ .

وَ بِاسْتِكْتَامِهَا لِتَظْهَرَ .

وَ بِتَعْجيلِهَا لِتَهْنَأَ
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطيرالعلوي الحرالناطق
المدير العام
المدير العام



تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 21/06/1978
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 195
نقاط : 394
السٌّمعَة : 13
الهوايات : المطالعة
الدولة : الدالية

من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها    من خطب مولانا  علي أمير المؤمنين ينصح فيها  I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 10:15 pm

مماروي عن مولانا أمير المؤمنين في وصف المنافقين والتحذير منهم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ ]
اَلْحَمْدُ للَّهِ الأَوَّلِ فَلا شَيْءَ قَبْلَهُ ، وَ الآخِرِ فَلا شَيْءَ بَعْدَه ، وَ الظَّاهِرِ فَلا شَيْءَ فَوْقَهُ ، وَ الْبَاطِنِ فَلا شَيْءَ دُونَهُ .

نَحْمَدُهُ عَلى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَ ذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، وَ نَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً ،

وَ بِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً .

وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، خَاضَ إِلى رِضْوَانِ اللَّهِ كُلَّ غَمْرَةٍ ، وَ تَجَرَّعَ فيهِ كُلَّ غُصَّةٍ ، وَ قَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الأَدْنَوْنَ ، وَ تَأَلَّبَ عَلَيْهِ الأَقْصَوْنَ ، وَ خَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا ، وَ ضَرَبَتْ إِلى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا ، حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ ،

وَ أَسْحَقِ الْمَزَارِ .

أَمَّا بَعْدُ ، أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ ، فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ ،

وَ الزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ ، يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً ، وَ يَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً ، وَ يَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ ، وَ يَرْصُدُونَكُمْ بِكُلِّ مِرْصَادٍ .

قُلُوبُهُمْ دَوِيَّةٌ ، وَ صِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ .

يَمْشُونَ الْخَفَاءَ ، وَ يَدِبُّونَ الضَّرَّاءَ .

وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ ، وَ قَوْلُهُمْ شِفَاءٌ ، وَ فِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ .

حَسَدَةُ الرَّخَاءِ ، وَ مُؤَكِّدُو الْبَلاءِ ، وَ مُقْنِطُو الرَّجَاءِ .

لَهُمْ بِكُلِّ طَريقٍ صَريعٌ ، وَ إِلى كُلِّ قَلْبٍ شَفيعٌ ، وَ لِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ .

يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ ، وَ يَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ .

إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا ، وَ إِنْ عَذَلُوا كَشَفُوا ، وَ إِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا .

قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلاً ، وَ لِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلاً ، وَ لِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلاً ، وَ لِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً ، وَ لِكُلِّ لَيْلٍ مِصْبَاحاً .

يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ ، لِيُقيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ ، وَ يُنْفِقُوا بِهِ أَعْلاقَهُمْ [ 1 ] .

يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ ، وَ يَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ .

قَدْ هَوَّنُوا الطَّريقَ ، وَ أَضْلَعُوا الْمَضيقَ .

فَهُمْ لُمَةُ الشَّيْطَانِ ، وَ حُمَةُ النّيرَانِ .

أوُلئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ
1 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من خطب مولانا علي أمير المؤمنين ينصح فيها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكم مولانا أمير المؤمنين
» مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين
» محاورة بين مولانا أمير المؤمنين مع يهودي
» معجزة من معجزات مولانا أمير المؤمنين
» مماروي عن مولانا علي أمير المؤمنين في بيان قدرة الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع العقيدة العلوية النصيرية :: المنتديات الإسلاميــــة الدينيــة :: منتدى حكم ومواعظ الأئمة-
انتقل الى: