المعمر المغربي
هو عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ بنِ الْخَطَّابِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوَّامٍ الْمَغْرِبِيُّ الْمَعروف بأَبِي الدُّنْيَا الأَشبح (1) الْمُعَمَّرُ وقد كان ركابياً (2) بين يديه.
وقال الكراكجي في كنز الفوائد ج2: حدّثني الشريف أبو الحسن طاهر بن موسى الحسيني عن ميمون بن حمزة الحسيني قال رأيت المعمّر المغربي، وقد أُتي به إلى الشّريف أبي عبد اللّه محمد بن إسماعيل سنة عشر وثلاثمائة وأُدخِل إلى داره ومعه خمسة رجال ، أغلقت الدار وازدحم الناس، وحرصت في الوصول إلى الباب فما قدرت لكثرة الزحام فرأيت بعض غلمان الشريف أبي عبد اللّه محمد بن إسماعيل وهما قنبر وفرّخ وعرّفتهما أنّي أشتهي أن أنظره، فقالا لي: در إلى باب الحمام بحيث لا يدرى بك. فصرت إليه ففتحا لي سرّا ودخلت وأغلقت الباب، وحصلت في مسلخ الحمام فإذا قد فرش له ليدخل الحمام فجلست يسيرا فإذا به قد دخل، وهو رجل نحيف الجسم، ربع من الرجال، خفيف العارضين، آدم اللون، إلى القصر أقرب ما هو، أسود الشعر يقدّر الإنسان أنّ له نحوا من الأربعين سنة، وفي صدغيه أثر كأنّه أثر ضربة، فلمّا تمكّن من الجلوس والنفر معه وأراد خلع ثيابه، قلت له: ما هذه الضربة؟. فقال أردت أن أناول مولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام السوط يوم النهروان فقص الفرس رأسه فضربني باللّجام وكان حديدا فشجّني. فقلت له: أدخلت هذه البلدة قديماً؟. فقال: نعم وكان موضع جامعكم السفلاني مبصلة وفيه بئر. فقلت: هؤلاء أصحابك؟. فقال هم ولدي وولد ولدي.
ثمّ دخل الحمّام فجلست حتّى خرج ولبس ثيابه، فرأيت عنفقته قد ابيضّت، فقلت له: أ كان بها صباغ ؟. قال: لا ولكن إذا جعت ابيضّت وإذا شبعت اسودّت. فقلت: قم وادخل الدار حتّى تأكل. فدخل الباب.(نقل هذه الرواية المجلسي في بحار الأنوار ج34 ص328)
وذكر المجلسي أيضاً في بحار الأنوار ج : 51 ص : 261 عن المفيد عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور قال حدثني أبو بكر المفيد الجرجرائي في شهر رمضان سنة ست و سبعين و ثلاثمائة قال اجتمعت مع أبي عمرو عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن العوام بمصر في سنة ست عشرة وثلاث مائة، وقد ازدحم الناس عليه حتى رقي به إلى سطح دار كبيرة كان فيها ، ومضيت إلى مكة، ولم أزل أتبعه إلى مكة، إلى أن كتبت عنه خمسة عشر حديثا وذكر : أنه ولد في خلافة أبي بكر عتيق بن أبي قحافة، وأنه لما كان في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) خرجت ووالدي معي أريد لقاءه فلمّا صرنا قريبا من الكوفة أو الأرض التي كان بها عطشنا عطشاً شديداً في طريقنا وأشرفنا على التلف وكان والدي شيخا كبيراً ، فقلت له: اجلس حتى أدور الصحراء أو البرية فلعلي أقدر على ماء أو من يدلني عليه أو ماء مطر. فقصدت أطلب ذلك فلم ألبث عنه غير بعيد إذ لاح لي ماء فصرت إليه فإذا أنا ببئر شبه الركية أو الوادي فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت وقلت: أمضي و أجيء بأبي فإنه قريب مني ، فجئت إليه فقلت: قم فقد فرج الله عز وجل عنا وهذه عين ماء قريب منا. فقام فلم نر شيئا ولم نقف على الماء وجلس وجلست معه ولم يضطرب إلى أن مات واجتهدت إلى أن واريته، وجئت إلى مولانا أمير المؤمنين (ع) ولقيته وهو خارج إلى صفين وقد أخرجت له البغلة فجئت وأمسكت له الركاب، فالتفت إلي ، فانكببت أقبل الركاب، فشجّني في وجهي شجة. قال أبو بكر المفيد ورأيت الشجّة في وجهه واضحة، ثم سألني عن خبري فأخبرته بقصتي وقصة والدي وقصة العين ، فقال: عين لم يشرب منها أحد إلا وعمَّرَ عمراً طويلاً فأبشر فإنك تعمّر وما كنت لتجدها بعد شربك منها . وسماني بالمعتمر . قال أبو بكر المفيد فحدثنا عن مولانا أمير المؤمنين (ع) بالأحاديث وجمعتها ولم تجتمع لغيري منه وكان معه جماعة مشايخ من بلده وهي طنجة. فسألتهم عنه فذكروا أنهم من بلده وأنهم يعرفونه بطول العمر وآباؤهم وأجدادهم بمثل ذلك واجتماعه مع مولانا أمير المؤمنين (ع) وأنه توفي في سنة سبع عشرة و ثلاث مائة.
وروت العامة: أن أبا الدنيا المعروف بالْمُعَمَّر الْمَغرِبِي واسْمه علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد لَمَّا قبض النبي (ص) كان له قريبا من ثلاثمائة سنة وأنه خدم بعدَهُ أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، وأن الملوك أشخصوه إليهم وسألوه عن علة طول عمره واستخبروه عما شاهد فأخبر أنه شرب من ماء الحيوان فلذلك طال عمره و أنه بقي إلى أيام المقتدر ( كمال الدين ج49 ص537)
بعض الأحاديث التي رويت عن المعمر المغربي الأشبح :
1- عن الْمُعَمّر المغربِي الْمَعروف بأبِي الدُّنيا عَنْ عَلِيٍّ (ع) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ع) قَالَ: صَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَوَاتِكُمْ تَبْلُغُنِي وَتَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي (3)
2- عن أمير المؤمنين (ع) قال سمعت رسول الله (ص) يقول: لا تتخذوا قبري مسجداً ، ولا بيوتكم قبوراً وصلّوا عليَّ حيث ما كنتم ، فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني. (4)
3- عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيِّ الْمَعرُوف بأَبِي الدُّنْيَا الأَشبح الْمُعَمَّرِ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (ع) يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ (ص): فِي الزِّنَى سِتُّ خِصَالٍ ثَلاثٌ فِي الدُّنْيَا وَثَلاثٌ فِي الآخِرَةِ فَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الدُّنْيَا فَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ وَيَقْطَعُ الرِّزْقَ وَيُسْرِعُ الْفَنَاءَ ، وَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الآخِرَةِ فَغَضَبُ الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ وَسُوءُ الْحِسَابِ وَالدُّخُولُ فِي النَّارِ . (5)
4- وعنه قال سمعت علي بن أبي طالب (ع)يقول سمعت رسول اللّه(ص) يقول: كلمة الحقّ ضالّة المؤمن، حيث وجدها فهو أحقّ بها. (6)
5- وعنه قال: حدّثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): من أحبّ أهل اليمن فقد أحبّني ومن أبغضهم فقد أبغضني. (7)
6- وعنه قال سمعت علي بن أبي طالب(ع) يقول لما نزلت { وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ} قال لي رسول الله (ص): سألت اللّه أن يجعلها أذنك يا علي . (8)
7- وعنه قال سمعت علي بن أبي طالب (ع) يقول: قال النبي (ص): طوبى لمن رآني أو رأى من رأى من رآني . (9)
7- وعنه قال سمعت علياً (ع) يقول: إنه عهد إلَيَّ النَّبيُّ الأُمِّيُّ (ص) أنه لا يُحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . (10)
8-وعنه قال حدثنِي علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول اللّه (ص): من قرأ قل هو الله أحد مرّةً، فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين ، فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات، فكأنما قرأ القرآن كلّهُ(11)
المعمر المشرقي
المعمر المشرقي في أغلب المصادر يقترن ذكره مع ذكر المعمر المغربي. وقد عاشا أكثر من ثلاثمائة سنة.
المعمر المشرقي هو رجل مقيم ببلاد العجم من أرض الجبل ، يذكر أنه رأى أمير المؤمنين (ع) ويعرفه الناس بذلك على مر السنين والأعوام ، ويقول: إنه لحقه مثل ما لحق المغربي من الشجة في وجهه وإنه صحب أمير المؤمنين (ع) وخدمه.
وحدثني جماعة مختلفو المذاهب بحديثه وأنهم رأوه وسمعوا كلامه منهم أبو العباس أحمد بن نوح بن محمد الحنبلي الشافعي حدثني بمدينة الرملة في سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال كنت متوجها إلى العراق للتفقه فعبرت بمدينة يقال لها سهرورد من أعمال الجبل قريبة من زنجان وذلك في سنة خمسين وأربعمائة، فقيل لي: إن هنا شيخاً يزعم أنه لقي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فلو صرت إليه لكان ذلك فائدة عظيمة. قال: فدخلنا عليه فإذا هو في بيته لعمل النوار وإذا هو شيخ نحيف الجسم مدور اللحية كبيرها وله ولد صغير ولد له منذ سنة. فقيل له: إن هؤلاء قوم من أهل العلم متوجهون إلى العراق يحبون أن يسمعوا من الشيخ ما قد لقي من أمير المؤمنين (ع) . فقال: نعم كان السبب في لقائي له أني كنت قائما في موضع من المواضع فإذا بفارس مجتاز فرفعت رأسي فجعل الفارس يمر يده على رأسي ويدعو لي ، فلما أن عبر أُخبرت بأنه علي بن أبي طالب (ع) فهرولت حتى لحقته و صاحبته.
وذكر أنه كان معه في تكريت و موضع من العراق يقال له تل فلان بعد ذلك و كان بين يديه يخدمه إلى أن قبض ع فخدم أولاده.
قال لي أحمد بن نوح رأيت جماعة من أهل البلد ذكروا ذلك عنه و قالوا إنا سمعنا آباءنا يخبرون عن أجدادنا بحال هذا الرجل و إنه على هذه الصفة و كان قد مضى فأقام بالأهواز ثم انتقل عنها لأذية الديلم له وهو مقيم بسهرورد. (بحار الأنوار ج51 ص262)
وقد روت الشيعة : أنهما أي المعمر المشرقي والمعمر المغربي يجتمعان عند ظهور الإمام المهدي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
1- في بعض مراجع الظاهر: الأشج بالجيم المعجمة
2- ركابي أمير المؤمنين : أي كان يمسك بركاب دابة ( بغلة أو ناقة) أمير المؤمنين عليه السلام
3- مستدرك الوسائل ج4 ص 187
4- بحار الأنوار ج80 ص 324
5 - مستدركالوسائل ج 1 ص 333
6- بحار الأنوار ج 34 ص331 - كنز الفوائد ج 2 ص 151
7- بحار الأنوار ج34ص 333 - كمالالدين ج50 ص 541
8- شواهد التنزيل ج2ص361 سورة الحاقة
9- كنز الفوائد ج 2 ص152 خبر المعمر المغربي
10 - بحار الأنوار ج 34 ص 362 - كنز الفوائد ج 2 ص152 خبر المعمر المغربي
11- كمال الدين ج50 ص 542
(منقول عن الأستاذ سميع حسن)